مسألة :
" " ويجزئ في سائر النجاسات ثلاث منقية
في هذه المسألة روايات إحداهن أنه لا يجب العدد بل يجزئ أن تكاثر النجاسة بالماء حتى تزول ؛ لأن ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة : واغسلي عنك الدم وصلي لأبي ثعلبة في آنية المجوس : إن لم تجدوا غيرها فاغسلوها بالماء ، : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : " إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع به ؟ فقال : تحته ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه " أسماء بنت أبي بكر متفق عليه . وقالت
[ ص: 91 ] وكذلك في غير هذه الأحاديث أمر ولو كان العدد واجبا لذكره في جواب السائل عن التطهير لأنه وقت حاجة ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ولأن المقصود إزالة النجاسة فإذا زالت لم يجب الزيادة كغسل الطيب عن بدن المحرم ، والرواية الثانية : يجب أن تغسل ثلاث مرات كما اختاره الشيخ ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر القائم من نوم الليل أن يغسل يده ثلاثا معللا بتوهم النجاسة ، فوجوب الثلاث مع تحققها أولى ، واكتفى في الاستنجاء بثلاثة أحجار فالاجتزاء بثلاث غسلات أولى . بغسل النجاسة
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يغسل مقعدته ثلاثا " عائشة . قال عن : " فعلناه فوجدناه دواء وطهورا " رواه ابن عمر . ابن ماجه
والرواية الثالثة : أنه يجب وهي اختيار أكثر أصحابنا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك في نجاسة الكلب فوجب إلحاق سائر النجاسات بها لأنها في معناها يحقق ذلك أن الحكم لا يختص بمورد النص بل قد اتفقوا على أنه يلحق به الثوب والبدن وغيرهما وكذلك ألحقنا بالريق العرق والبول والخنزير ، وأيضا فإنه إذا وجب التسبيع في الكلب مع أنه مختلف في نجاسته ومرخص في الانتفاع به ففي النجاسات المجمع عليها ، وجاء التغليظ بها والوعيد بقوله : التسبيع في جميع النجاسات مع أنها لا تزول غالبا إلا بالسبع . " تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه "
[ ص: 92 ] وأيضا فإن التسبيع في نجاسة الكلب إما أن يكون تعبدا أو أنه مظنة للإزالة غالبا ، فعلق الحكم به كالعدد في الاستجمار ؛ لئلا يتوهم حصول الإزالة بدونها مع بقاء النجاسة ، وكذلك جعلها الغاية في غسل الميت ولغير ذلك من الأسباب ، ومهما فرض من ذلك فالنجاسات كلها سواء .
ويؤيد ذلك أنا لما ألحقنا غير الحجر به في باب الاستنجاء اشترطنا العدد فإذا ألحقنا المزيل بالمزيل في العدد فكذلك المزال بالمزال . وأما الأحاديث المطلقة فلعله صلى الله عليه وسلم ترك ذكر العدد اكتفاء بالتنبيه عليه بالولوغ أو بجهة أخرى فإنها قضايا أعيان ، أو لعلمه بأنها لا تزال في تلك الوقائع إلا بالتسبيع أو لعل ذلك كان قبل فرض العدد في غسل الولوغ ، ولا يمكن أن يقال : الأحاديث مطلقة بعده لأنه يلزم منه التغيير مرتين ، والاجتزاء بثلاثة أحجار لأنها مخففة وهي لا تمنع النجاسة بخلاف الماء فإنه يمنع النجاسة وكذلك لا يحصل الإنقاء بدون السبع في الغالب .
وعنه رواية رابعة : يجب السبع فيما عدا السبيلين فإنه يجزئ فيهما ثلاث لما تقدم ، والفرق بينهما تكرر نجاسة السبيلين ومشقة السبع فيهما وكذلك اكتفى فيهما بالجامد ، وعنه يجب التسبيع في السبيلين وفيما عدا البدن فأما سائر البدن فلا عدد لأن البدن يشق التسبيع فيه لكثرة ملاقاته النجاسة تارة منه وتارة من غيره بخلاف غيره وبخلاف السبيلين فإن نجاستهما مغلظة كما تقدم ولذلك نجست كثير الماء في رواية .
[ ص: 93 ] وهل يشترط التراب أو ما يقوم مقامه على القول بالتسبيع ؟ على وجهين ، أحدهما : يشترط قاله الخرقي وغيره كنجاسة الكلب .
أم قيس بنت محصن قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قال : " حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر " الثوب يصيبه دم الحيض رواه الخمسة إلا وروت ، فأمر بالسدر مع الماء ونحن نجيز غير التراب من الجامدات على الصحيح ، والثاني لا يشترط وهو أشهر لما روى الترمذي أبو هريرة خولة بنت يسار قالت : يا رسول الله ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه ، قال : " فإذا طهرت فاغسلي موضع الدم ثم صلي فيه ، قالت : يا رسول الله إن لم يخرج أثره ؟ قال : " يكفيك الماء ولا يضرك أثره " ، رواه أن أحمد . وأبو داود
[ ص: 94 ] وعامة الأحاديث أمر فيها بالماء فقط لا سيما الاستنجاء فإنه نقل عنه قولا وفعلا ونقل عنه دلك يده بالتراب بعده وهو سنة ، فكيف ترك نقل التدلك بالتراب وهو واجب ؟ لكن هذا يقتضي السقوط في نجاسة السبيل ، ولأن استعمال التراب فيه مشقة عظيمة لا سيما ونحن نشترط طهارته بخلاف العدد فإن النجاسة غالبا لا تزول إلا به ، وولوغ الكلب يقال : فيه لزوجة لا تزول غالبا إلا به .