الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة

( وأكثره خمسة عشر يوما )

هذا هو المشهور عنه ، وقد روي عنه أن أكثره سبعة عشر يوما ، لما ذكره عبد الرحمن بن مهدي قال : " أخبرتني امرأة ثقة من جيراني أنها تحيض سبعة عشر " وحكى أيضا " عن نساء الماجشون أنهن كن يحضن سبع عشرة " والأول أشهر عند أصحابنا ؛ لأن حيض الخمسة عشر هو الذي كثر وجوده في النساء كما تقدم ، وقال أحمد : حدثني يحيى بن [ ص: 477 ] آدم قال : سمعت شريكا يقول : " عندنا امرأة تحيض كل شهر خمسة عشر يوما " . وقال ابن المبارك : قال الأوزاعي ومالك بن أنس : " كانت عندنا امرأة تحيض ، قال أحدهما : خمسة عشر يوما ، وقال الآخر : تحيض يوما واحدا حيضا معتدلا " . وقال الشافعي : " أثبت لي عن نساء أنهن لم يزلن يحضن خمسة عشر يوما " . وقال إسحاق بن راهويه " سمعنا من النساء من يحضن أحد عشر يوما أو اثني عشر يوما أو أربعة عشر يوما أو خمسة عشر يوما ، كل ذلك صح عن العلماء واستيقنوا ذلك عن نسائهم وغيرهن " .

وما زاد على ذلك فنادر لا يبنى عليه ، قال عبد الرحمن بن مهدي " لم يبلغنا أن امرأة حاضت أكثر من خمسة عشر يوما ، إلا واحدة حاضت سبعة عشر يوما ، وقال إسحاق : " لست أرى ما زاد على الخمسة عشر يصح كصحة الخمسة عشر يوما " . وقال في الخمسة عشر : هي إجماع أهل العلم وما عقلوه . وقد احتج على ذلك بما رواه ابن أبي حاتم في سننه عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن ، أما ناقصات العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل ، وأما نقصان دينها فإنها تمكث شطر عمرها لا تصلي " .

[ ص: 478 ] والشطر : النصف ، فهذا يدل على أن النصف هو منتهى نقصان دينهن إذ لو كان أكثر من ذلك لذكره في معرض بيان نقص دينهن ، ولأنه لو لم يرد ذلك لذكر إما الغالب أو الأقل ، وهذا يدل أيضا على أن أقل الطهر خمسة عشر يوما إذ لو كان أقل من ذلك لذكره " لأنه " الغاية في نقص الدين ، فإن قيل بل اعتبر الغالب ؛ لأن غالب الأعمار من الستين إلى السبعين ، فقريب الربع قبل البلوغ وما بقي ترك الصلاة نحو ربعه ، فيسلم النصف ، قلنا : ما تركت من الصلاة قبل البلوغ يشتركن فيه هن والرجال ، فلا يجوز أن يعد من نقص دينهن ، وأما قبل البلوغ ليس الإنسان من أهل التكليف أصلا فلا يوصف منعه من الصلاة بنقص دين .

التالي السابق


الخدمات العلمية