[ ص: 174 ] مسألة :
" " . ويغسل كفيه ثلاثا
هذا مسنون لكل متوضئ ، سواء إن تحقق طهارتها أو شك في ذلك ، وهي من جملة الوضوء حتى لو غسلها قبل الوضوء استحب له إعادة غسلها بعد النية ، وكذلك الذي يوضئ الميت ، يستحب له أن يغسل كفيه كلما وضأه ، نص عليه ؛ وذلك لأن الذين وضئوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا أنه كان يبدأ فيغسل كفيه ثلاثا ؛ ولأن اليد آلة لنقل الماء فاستحب تطهيرها تحقيقا لطهارتهما وتنظيفا لهما وإدخالا لغسلهما في حيز العبادة ، ولو أنه على سبيل التجديد .
فأما إن كان المتوضئ قد قام من نوم الليل كان غسلهما أوكد حتى يكره تركه ، وهو واجب في إحدى الروايتين ، قال القاضي وأصحابه : لا عن حدث ولا عن نجس ، لكن تعبد ، اختارها أبو بكر ، وأكثر أصحابنا لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أبو هريرة ، فإنه لا يدري أين باتت يده إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا " ، متفق عليه إلا أن لم يذكر العدد ، ومقتضى الأمر الإيجاب لا سيما ، وغسل اليد مستحب مطلقا فلما خص به هذه الحال دل على وجوبه ، وهذا يختص بنوم الليل دون نوم النهار ؛ لأن المبيت إنما يكون بالليل فعلى هذا لو استيقظ المحبوس ولم يدر ليل هو أم نهار لم يلزمه غسلهما ومن [ ص: 175 ] نام أكثر الليل لزم الغسل دون من بات أقله كالمبيت البخاري بمزدلفة ، وقال القاضي : يلزم كل من نام نوما ينقض وضوءه فإن بات ويده في جراب أو مكتوفا وجب غسلهما في أظهر الوجهين ، وتشترط النية لذلك في أشهر الوجهين ؛ لأنه عبادة ، ولا تشترط التسمية على الأصح ، وإن قلنا باشتراطها في الوضوء بل المستحب أن يفردها بالتسمية ، ويجوز تقديمها على الوضوء بالزمن الطويل ؛ لأنها ليست من جملته ، والرواية الثانية : أنه سنة اختارها الخرقي وجماعة ؛ لأن قوله : ( إذا قمتم إلى الصلاة ) يعم القائم من النوم وغيره لا سيما ، وقد فسره بالقيام من الليل . ولم يذكر شيئا آخر ؛ ولأن الطهور الواجب إما عن خبث ، وهي طهارة بإجماع ، وإما عن حدث ولو كان كذلك لأجزأ غسلهما في جملة أعضاء الوضوء بنية الحدث ، واكتفى لهما بغسلة واحدة ، وحملوا الحديث على الاستحباب كما روى زيد بن أسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أبو هريرة " . متفق عليه . إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات ، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه
لتعليله بوهم النجاسة ؛ ولأنه قد روي في لفظ صحيح " " وهذا يدل على أنه أراد به غسل اليد المسنون عند الوضوء ، وعلى هذه الرواية حكم غسلهما هنا حكم [ ص: 176 ] غسلهما عند إرادة كل وضوء ، إلا أنه موكد هنا يكره تركه ، وهل يختص ذلك بمن يريد الوضوء أو يعمه وغيره بحيث يغسل عند الوضع في الطعام وغيره من المائعات يحتمل وجهين . إذا أراد أحدكم الطهور فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها