[ ص: 73 ] فصل :
وأما فهو طاهر في ظاهر المذهب لما المستعمل في رفع الحدث جابر قال : جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل ، فتوضأ وصب وضوءه علي " متفق عليه . روى
وفي الصحيح أيضا عن " المسور بن مخرمة " ولأن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه فلا ينجس الماء بملاقاته كسائر الطاهرات ، ودليل طهارته ما روى الجماعة بدن المحدث طاهر قال : " لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب فانسللت فأتيت الرحل فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد فقال : أين كنت يا أبي هريرة ؟ فقال : كنت جنبا ، فقال : سبحان الله إن المؤمن لا ينجس " أبا هريرة وهو مع طهارته غير مطهر في المشهور أيضا ، لما عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب " قالوا يا أبو هريرة ، كيف يفعل ؟ قال : يتناوله تناولا أبا [ ص: 74 ] هريرة ، رواه روى مسلم . ولو كان الغسل فيه يجزئ ولا يغير الماء لم ينه عنه ، ولأن الصحابة ما زالوا تضيق بهم المياه في أسفارهم فيتوضئون ولا يجمعون مياه وضوئهم ولو كانت مطهرة لجمعوها ، ولأنه مستعمل لإزالة مانع من الصلاة فانتقل حكم المنع إليه كالمستعمل في إزالة النجاسة ، وما دام الماء يجري على بدن المغتسل وعضو المتوضئ على وجه الاتصال فليس بمستعمل حتى ينفصل .
فإن انتقل من عضو إلى عضو لا يتصل به مثل أن يعصر الجنب شعر رأسه على لمعة من بدنه أو يمسح المحدث رأسه ببل يده بعد غسلها فهو مستعمل في إحدى الروايتين ، كما لو انفصل إلى غير محل التطهير مثل أن يمسح رأسه ببل يأخذه من لحيته أو يعصر شعره في كفه ثم يرده على اللمعة ، وفي الأخرى ليس بمستعمل . وهو أصح لما روت " الربيع بنت معوذ " رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بما بقي من وضوئه في يديه أحمد ، وعن وأبو داود قال : " ابن عباس رواه اغتسل رسول [ ص: 75 ] الله صلى الله عليه وسلم من جنابة فلما خرج رأى لمعة على منكبه الأيسر لم يصبها الماء فعصر شعره عليها أحمد . وابن ماجه
ولأنه ما زال يتنقل في مواضع التطهير فأشبه انتقاله إلى محل متصل . وإن صار الماء مستعملا ولم يرتفع حدثه لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، والنهي يقتضي الفساد ، اغتمس الجنب في ماء يسير بنية الطهارة ؟ على وجهين أنسبهما بكلامه الأول ، وصار هنا مستعملا قبل انفصال جميع البدن بخلاف ما إذا اغتسل لا يصير حتى ينفصل ، كما أن الماء إذا ورد على النجاسة لم ينجس حتى ينفصل ، وإذا وردت على قليله نجسته ، ولو لم ينو الاغتسال حتى انغمس كان كمن صب عليه الماء فترتفع الجنابة ويصير مستعملا في وجه ، وفي وجه لا يرتفع إلا عن أول جزء منفصل . وإذا وهل يصير مستعملا بانفصال أول جزء منه أو بملاقاة أول جزء منه وقيل يصير مستعملا كما لو اغترف بها الجنب بعد النية ، والصحيح الأول ؛ لأن غمس المتوضئ يده في الإناء بعد غسل وجهه ولم ينو غسلها فيه لم يصر [ ص: 76 ] مستعملا عبد الله بن زيد لما توضأ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم اغترف بيده من الإناء بعد غسل وجهه ، وقال : هكذا كان يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الجنب في رواية ، والرواية الأخرى الفرق للعسر والمشقة في الوضوء ، ولأن الأثر جاء فيه : وإذا كان الانغماس في ماء كثير لم يغيره كالنجاسة وأولى .
ولو جمع حتى بلغ قلتين كان كالماء القليل النجس إذا جمع إلى مثله حتى بلغ قلتين لا يصير طهورا في ظاهر المذهب .