( 2249 ) فصل : فإن بعرفة ، أو قبلها ، غير محرمين ، فأحرما ووقفا بعرفة ، وأتما المناسك ، أجزأهما عن حجة الإسلام . لا نعلم فيه خلافا ; لأنه لم يفتهما شيء من أركان الحج ، ولا فعلا شيئا منها قبل وجوبه . بلغ الصبي ، أو عتق العبد
وإن كان البلوغ والعتق وهما محرمان ، أجزأهما أيضا عن حجة الإسلام . كذلك قال . وهو مذهب ابن عباس ، الشافعي وإسحاق . وقاله الحسن في العبد .
وقال : لا يجزئهما . واختاره مالك . وقال أصحاب الرأي : لا يجزئ العبد ، فأما الصبي ، فإن جدد إحراما بعد أن احتلم قبل الوقوف ، أجزأه ، وإلا فلا ; لأن إحرامهما لم ينعقد واجبا ، فلا يجزئ عن الواجب ، كما لو بقيا على حالهما . ابن المنذر
ولنا ، أنه أدرك الوقوف حرا بالغا فأجزأه ، كما لو أحرم تلك الساعة . قال : قال أحمد ، عن طاوس : إذا أعتق العبد ابن عباس بعرفة ، أجزأت عنه حجته ; فإن أعتق بجمع ، لم تجزئ عنه . وهؤلاء يقولون : لا تجزئ . يقوله أيضا ، وكيف لا يجزئه ، وهو لو أحرم تلك الساعة كان حجه تاما ، وما أعلم أحدا قال لا يجزئه إلا هؤلاء . والحكم فيما إذا أعتق العبد وبلغ الصبي بعد خروجهما من ومالك عرفة ، فعادا إليها قبل طلوع الفجر ليلة النحر ، كالحكم فيما إذا كان ذلك فيها ; لأنهما قد أدركا من الوقت ما يجزئ ولو كان لحظة .
وإن لم يعودا ، أو كان ذلك [ ص: 105 ] قبل طلوع الفجر من يوم النحر ، لم يجزئهما عن حجة الإسلام ، ويتمان حجهما تطوعا ; لفوات الوقوف المفروض ، ولا دم عليهما ; لأنهما حجا تطوعا بإحرام صحيح من الميقات ، فأشبها البالغ الذي يحج تطوعا . فإن قيل : فلم لا قلتم إن الوقوف الذي فعلاه يصير فرضا ، كما قلتم في الإحرام الذي أحرم به قبل البلوغ يصير بعد بلوغه فرضا ؟ قلنا : إنما اعتددنا له بإحرامه الموجود بعد بلوغه ، وما قبل بلوغه تطوع لم ينقلب فرضا ، ولا اعتد له به ، فالوقوف مثله ، فنظيره أن يبلغ وهو واقف بعرفة ، فإنه يعتد له بما أدرك من الوقوف ، ويصير فرضا دون ما مضى .