( 2809 ) فصل : ولو باع بعضه ببعض جزافا أو كان جزافا من أحد الطرفين  ، لم يجز . قال  ابن المنذر    : أجمع أهل العلم على أن ذلك غير جائز إذا كانا من صنف واحد ; وذلك لما روى  مسلم  ، عن  جابر  ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصبرة من التمر ، لا يعلم مكيلها ، بالكيل المسمى من التمر   } . 
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : { الذهب بالذهب وزنا بوزن   } إلى تمام الحديث ، دليل على أنه لا يجوز بيعه إلا كذلك ، ولأن التماثل شرط ، والجهل به يبطل البيع ، كحقيقة التفاضل ( 2810 ) فصل : وما لا يشترط التماثل فيه كالجنسين ، وما لا ربا فيه ، يجوز بيع بعضه ببعض كيلا ووزنا وجزافا ، وهذا ظاهر كلام  الخرقي    ; لتخصيصه ما يكال بمنع بيعه بشيء من جنسه وزنا ، وما يوزن بمنع بيعه من جنسه كيلا . 
وهذا قول أكثر أهل العلم . قال  ابن المنذر    : أجمع أهل العلم على أن بيع الصبرة من الطعام بالصبرة ، لا يدرى كم كيل هذه ، ولا كيل هذه ، من صنف واحد  ، غير جائز ، ولا بأس به من صنفين ; استدلالا بقوله عليه السلام : { فإذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم   } . وذهب جماعة من أصحابنا إلى منع بيع المكيل بالمكيل جزافا ، وبيع الموزون بالموزون جزافا    . 
وقال  أحمد  ، في رواية محمد بن الحكم    : أكره ذلك . قال ابن أبي موسى    : لا خير فيما يكال بما يكال جزافا ، ولا فيما يوزن بما يوزن جزافا ، اتفقت الأجناس أو اختلفت ، ولا بأس ببيع المكيل بالموزون جزافا ، وقال ذلك  القاضي  والشريف أبو جعفر  ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع الطعام بالطعام مجازفة   } . ولأنه بيع مكيل بمكيل ، أشبه الجنس الواحد . 
ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد   } . ولأن قول الله تعالى {    : وأحل الله البيع    } . عام  [ ص: 34 ] خصصناه في الجنس الواحد الذي يجب التماثل فيه ، ففيما عداه يجب البقاء على العموم ، ولأنه يجوز التفاضل فيه ، فجاز جزافا من الطرفين كالمكيل بالموزون ، يحققه أنه إذا كان حقيقة الفضل لا يمنع ، فاحتماله أولى أن لا يكون مانعا ، وحديثهم أراد به الجنس الواحد ; ولهذا جاء في بعض ألفاظه : { نهى أن تباع الصبرة لا يعلم مكيلها من التمر ، بالصبرة لا يعلم مكيلها من التمر   } . 
ثم هو مخصوص بالمكيل والموزون ، فنقيس عليه محل النزاع ، وما ذكر من القياس غير صحيح ; لأن المكيل من جنس واحد ، يجب التماثل فيه ، فمنع من بيعه مجازفة ; لفوات المماثلة المشروطة ، وفي الجنسين لا يشترط التماثل ، ولا يمنع حقيقة التفاضل ، فاحتماله أولى أن لا يكون مانعا . ( 2811 ) فصل : ولو قال : بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة . وهما من جنس واحد ، ولا يعلمان كيلهما  ، لم يصح ; لما ذكرنا . 
وإن علما كيلهما وتساويهما ، صح البيع ; لوجود التماثل المشترط . وإن قال : بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة ، مثلا بمثل . فكيلتا فكانتا سواء  ، صح البيع ، وإلا فلا . 
وإن باع صبرة بصبرة من غير جنسها  ، صح عند من يجوز بيع المكيل بالمكيل جزافا . وإن قال : بعتك هذه الصبرة بهذه ، مثلا بمثل . فكيلتا فكانتا سواء ، صح البيع ، وإن زادت إحداهما فرضي صاحب الناقصة بها مع نقصها ، أو رضي صاحب الزائدة برد الفضل على صاحبه ، جاز ، وإن امتنعا فسخ البيع بينهما . ذكر هذا الفصل  القاضي  ، وهو مذهب  الشافعي .  
				
						
						
