[ ص: 42 ] فصل : ; ما ليس فيه غيره كالزبد ، والسمن ، والمخيض ، واللبأ . وما فيه غيره . وكلاهما لا يجوز بيعه باللبن ; لأنه مستخرج من اللبن ، فلم يجز بيعه بأصله الذي فيه منه ، كالحيوان باللحم ، والسمسم بالشيرج . وهذا مذهب ويتفرع من اللبن قسمان . الشافعي
وعن ، أنه يجوز أحمد ، إذا كان الزبد المنفرد أكثر من الزبد الذي في اللبن . وهذا يقتضي جواز بيعه به متفاضلا ، ومنع جوازه متماثلا . قال بيع اللبن بالزبد : وهذه الرواية لا تخرج على المذهب ; لأن الشيئين إذا دخلهما الربا ، لم يجز بيع أحدهما بالآخر ، ومعه من غير جنسه ، كمد عجوة ودرهم بمدين . والصحيح أن هذه الرواية دالة على جواز البيع في مسألة مد عجوة ، وكونها مخالفة لروايات أخر لا يمنع كونها رواية ، كسائر الروايات المخالفة لغيرها ، لكنها مخالفة لظاهر المذهب . والحكم في السمن كالحكم في الزبد . القاضي
وأما اللبن بالمخيض الذي فيه زبده ، فلا يجوز . نص عليه ، فقال : أحمد لا خير فيه . ويتخرج الجواز كالتي قبلها ، وأما اللبن بالمخيض فإن كان قبل أن تمسه النار ، جاز متماثلا ; لأنه لبن بلبن . اللبن باللبأ
وإن مسته النار لم يجز . وذكر وجها ، أنه يجوز ، وليس بصحيح ; لأن النار عقدت أجزاء أحدهما ، وذهبت ببعض رطوبته ، فلم يجز بيعه بما لم تمسه النار ، كالخبز بالعجين ، والمقلية بالنيئة . القاضي
وهذا مذهب . وأما الشافعي ، فما فيه خلط من غير اللبن ، كالكشك والكامخ ، ونحوهما ، لا يجوز بيعه بنوعه ولا بغيره ; لأنه مختلط بغيره ، فهو كمسألة مد عجوة ، وما ليس فيه غيره ، أو فيه غيره ، إلا أن ذلك الغير لمصلحته ، فيجوز بيع كل نوع منه بعضه ببعض إذا تساويا في النشافة والرطوبة ، فيبيع المخيض بالمخيض ، واللبأ باللبأ ، والجبن بالجبن ، والمصل بالمصل ، والأقط بالأقط ، والزبد بالزبد ، والسمن بالسمن ، متساويا . بيع النوع من فروع اللبن بنوعه
ويعتبر التساوي بين الأقط بالأقط بالكيل ; لأنه قدر بالصاع في صدقة الفطر ، وهو يشبه المكيلات ، وكذلك المصل والمخيض . ; لأنه موزون ولا يمكن كيله ، فأشبه الخبز . وكذلك الزبد والسمن . ويتخرج أن يباع السمن بالكيل . ولا يباع ناشف من ذلك برطب ، كما لا يباع الرطب بالتمر ويحتمل كلام ويباع الخبز بالخبز بالوزن أن لا يباع رطب من ذلك برطب كاللحم . الخرقي
وأما ، كالزبد ، والسمن ، والمخيض ، فظاهر المذهب ، أنه يجوز بيع ما نزع من اللبن بنوع آخر ; لأنهما جنسان ، وذلك ; لأنهما شيئان من أصل واحد ، أشبها اللحم بالشحم . وممن أجاز بيع الزبد والسمن بالمخيض ، متماثلا ومتفاضلا بيع الزبد بالمخيض ، الثوري ، والشافعي وإسحاق . ولأن اللبن الذي في الزبد غير مقصود ، وهو يسير ، فأشبه الملح في الشيرج . أولى بالجواز ; لخلو السمن من المخيض . وبيع السمن بالمخيض
ولا يجوز ; لأن في الزبد لبنا يسيرا ، ولا شيء في السمن ، فيختل التماثل ، ولأنه مستخرج من الزبد ، فلم يجز بيعه به ، كالزيتون بالزيت . وهذا مذهب بيع الزبد بالسمن . الشافعي
وقال : عندي يجوز ; لأن اللبن في الزبد غير مقصود ، فوجوده كعدمه ، ولذلك جاز بيعه بالمخيض وبزبد مثله . وهذا لا يصح ; لأن التماثل واجب بينهما ، وانفراد أحدهما بوجود اللبن فيه ، يخل بالتماثل ، فلم يجز بيعه به ، كتمر منزوع النوى بتمر فيه نواه ، ولأن أحدهما ينفرد برطوبة لا توجد في الآخر ، فأشبه الرطب بالتمر ، والعنب بالزبيب ، وكل رطب بيابس من جنسه . ولا يجوز القاضي ونحوهما ; لأن هذه الأنواع لم ينتزع منها شيء ، فيكون حكمها حكم اللبن الذي فيه زبده ، فلم يجز بيعها ، كبيع اللبن بها . بيع [ ص: 43 ] شيء من الزبد والسمن والمخيض بشيء من أنواع اللبن ، كالجبن واللبأ
وأما ، فلا يجوز مع رطوبتهما ، أو رطوبة أحدهما ، كما لا يجوز بيع الجبن بالأقط . وإن كانا يابسين احتمل أن لا يجوز أيضا ; لأن الجبن موزون والأقط مكيل ، فلم يجز بيع أحدهما بالآخر ، كالخبز بالدقيق ، ويحتمل الجواز ، إذا تماثلا ، كبيع الخبز بالخبز . بيع الرطب بالتمر