( 3143 ) فصل : فأما ; فإذا لم يكن فيه حظ له ، لم يجز قرضه ، فمتى أمكن الولي التجارة به ، أو تحصيل عقار له فيه الحظ ، لم يقرضه ; لأن ذلك يفوت الحظ على اليتيم ، وإن لم يمكن ذلك ، وكان قرضه حظا لليتيم ، جاز . قال قرض مال اليتيم : لا يقرض مال اليتيم لأحد يريد مكافأته ، ومودته ، ويقرض على النظر ، والشفقة ، كما صنع أحمد . ابن عمر
وقيل : إن لأحمد استقرض مال اليتيم . قال : إنما استقرض نظرا لليتيم ، واحتياطا ، إن أصابه بشيء غرمه . قال عمر : ومعنى الحظ أن يكون لليتيم مال في بلده ، فيريد نقله إلى بلد آخر ، فيقرضه من رجل في ذلك البلد ، ليقضيه بدله في بلده ، يقصد بذلك حفظه من الغرر في نقله ، أو يخاف عليه الهلاك من نهب ، أو غرق ، أو نحوهما ، أو يكون مما يتلف بتطاول مدته ، أو حديثه خير من قديمه ، كالحنطة ونحوها ، فيقرضه خوفا أن يسوس ، أو تنقص قيمته ، وأشباه هذا ، فيجوز القرض ; لأنه مما لليتيم فيه حظ فجاز ، كالتجارة به . القاضي
وإن لم يكن فيه حظ ، وإنما قصد إرفاق المقترض ، وقضاء حاجته ، فهذا غير جائز ; لأنه تبرع بمال اليتيم ، فلم يحز كهبته . وإن ، لم يكن له المسافرة بماله ، وقرضه لثقة أمين أولى من إيداعه ; لأن أراد الولي السفر ، فإن لم يجد من يستقرضه على هذه الصفة ، فله إيداعه ; لأنه موضع حاجة . ولو أودعه مع إمكان قرضه ، جاز ، ولا ضمان عليه ، فإنه ربما رأى الإيداع أحظ له من القرض ، فلا يكون مفرطا . وكل موضع قلنا : له قرضه . فلا يجوز إلا لمليء أمين ، ليأمن جحوده ، وتعذر الإيفاء ، وينبغي أن يأخذ رهنا إن أمكنه ، وإن تعذر عليه أخذ الرهن ، جاز تركه ، في ظاهر كلام الوديعة لا تضمن إذا تلفت ; لأن الظاهر ممن يستقرضه من أجل حظ اليتيم ، أنه لا يبذل رهنا ، فاشتراط الرهن يفوت هذا الحظ . أحمد
وقال : يقرضه إذا أخذ بالقرض رهنا . فظاهر هذا أنه لا يقرضه إلا برهن ; لأن فيه احتياطا للمال ، وحفظا له عن الجحد ، والمطل . وإن أمكنه أخذ الرهن ، فالأولى له أخذه ، احتياطا على المال ، وحفظا له ، فإن تركه احتمل أن يضمن إن ضاع المال ; لتقريطه ، واحتمل أن لا يضمن ; لأن الظاهر سلامته . وهذا ظاهر كلام أبو الخطاب ; لكونه لم يذكر الرهن . أحمد