( 3186 ) فصل : وكان رحمه الله ، لا يقبل أحمد ، وينكر على ولده وعمه قبولها ، ويشدد في ذلك ، وممن كان لا يقبلها جوائز السلطان ، سعيد بن المسيب والقاسم ، وبشر بن سعيد ، ، ومحمد بن واسع ، والثوري ، وكان هذا منهم على سبيل الورع والتوقي ، لا على أنها حرام ، فإن وابن المبارك قال : جوائز السلطان أحب إلي من الصدقة . أحمد
وقال : ليس أحد من المسلمين إلا وله في هذه الدراهم نصيب فكيف أقول : إنها سحت ؟ وممن كان يقبل جوائزهم ، ابن عمر ، وابن عباس وعائشة وغيرهم من الصحابة ، مثل ، الحسن والحسين . ورخص فيه وعبد الله بن جعفر الحسن البصري ، ومكحول والزهري . واحتج بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم { والشافعي } . { اشترى من يهودي طعاما ، ومات ودرعه مرهونة عنده وأجاب يهوديا دعاه ، وأكل من طعامه . } وقد أخبر الله تعالى أنهم أكالون للسحت وروي عن ، رضي الله عنه ، أنه قال : لا بأس بجوائز السلطان ، فإن ما يعطيكم من الحلال أكثر مما يعطيكم من الحرام . وقال : لا تسأل السلطان شيئا ، وإن أعطى فخذ ، فإن ما في بيت المال من الحلال أكثر مما فيه من الحرام . علي
فصل : قال رحمه الله ، في من معه ثلاثة دراهم حرام : يتصدق بالثلاثة ، وإن كان معه مائتا درهم ، فيها عشرة حرام ، يتصدق بالعشرة ; لأن هذا كثير ، وذاك قليل . فقيل له : قال أحمد : ما كان دون العشرة يتصدق به ، وما كان أكثر يخرج . قال : نعم ، لا يجحف به . قال سفيان : وليس هذا على سبيل التحديد ، وإنما هو على طريق الاختيار ; لأنه كلما كثر الحلال بعد تناول الحرام ، وشق التورع عن الجميع ، بخلاف القليل فإنه يسهل إخراج الكل . القاضي
والواجب في الموضعين إخراج قدر الحرام ، والباقي مباح له ; وهذا لأن تحريمه لم يكن لتحريم عينه ، وإنما حرم لتعلق حق غيره به ، فإذا أخرج عوضه زال التحريم عنه ، كما لو كان صاحبه حاضرا فرضي بعوضه ، وسواء كان قليلا أو كثيرا . والورع إخراج ما يتيقن به إخراج عين الحرام ، ولا يحصل ذلك إلا بإخراج [ ص: 182 ] الجميع ، لكن لما شق ذلك في الكثير ، ترك لأجل المشقة فيه ، واقتصر على الواجب . ثم يختلف هذا باختلاف الناس ; فمنهم من لا يكون له إلا الدراهم اليسيرة ، فيشق إخراجها ; لحاجته إليها ، ومنهم من يكون له مال كثير ، فيستغني عنها ، فيسهل إخراجها .