الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3343 ) فصل : وإن كانت الجناية على سيد العبد ، فلا يخلو من حالين ; أحدهما ، أن تكون الجناية غير موجبة للقود ، كجناية الخطأ ، أو شبه العمد ، أو إتلاف مال ، فيكون هدرا ، لأن العبد مال لسيده فلا يثبت له مال في ماله .

                                                                                                                                            الثاني ، أن تكون موجبة للقود ، فلا يخلو من أن تكون على النفس أو على ما دونها ، فإن كانت على ما دون النفس ، فالحق للسيد ، فإن عفا على مال سقط القصاص ، ولم يجب المال ; لما ذكرنا . وكذلك إن عفا على غير مال . وإن أحب أن يقتص فله ذلك ; لأن السيد لا يملك الجناية على عبده ، فيثبت له ذلك بجنايته عليه ، ولأن القصاص يجب للزجر ، والحاجة تدعو إلى زجره عن سيده . فإن اقتص ، فعليه قيمته ، تكون رهنا مكانه ، وقضاء عن الدين ; لأنه يخرجه عن كونه رهنا باختياره ، فكان عليه بدله ، كما لو أعتقه

                                                                                                                                            وإن كانت الجناية على النفس ، فللورثة استيفاء القصاص ، وليس لهم العفو على مال . وذكر القاضي وجها آخر ، أن لهم ذلك ; لأن الجناية حصلت في ملك غيرهم ، فكان لهم العفو على مال ، كما لو جنى على أجنبي . وللشافعي قولان ، كالمذهبين . فإن عفا بعض الورثة ، سقط القصاص ، وهل يثبت لغير العافي نصيبه من الدية ؟ على الوجهين . ومذهب الشافعي في هذا الفصل كله على نحو ما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية