" ليس ذلك المفلس " تجوز لم يرد به نفي الحقيقة ، بل أراد أن فلس الآخرة أشد وأعظم ; بحيث يصير مفلس الدنيا بالنسبة إليه كالغني . ونحو هذا قوله صلى الله عليه وسلم { } وقوله : { ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يغلب نفسه عند الغضب ليس السابق من سبق بعيره ، وإنما السابق من غفر له } وقوله { } ومنه قول الشاعر ليس الغنى عن كثرة العرض ، إنما الغنى غنى النفس
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
وإنما سمي هذا مفلسا ; لأنه لا مال له إلا الفلوس ، وهي أدنى أنواع المال . والمفلس في عرف الفقهاء : من دينه أكثر من ماله ، وخرجه أكثر من دخله . وسموه مفلسا وإن كان ذا مال ; لأن ماله مستحق الصرف في جهة دينه ، فكأنه معدوم . وقد دل عليه تفسير النبي صلى الله عليه وسلم مفلس الآخرة ، فإنه أخبر أن له حسنات أمثال الجبال ، لكنها كانت دون ما عليه ، فقسمت بين الغرماء ، وبقي لا شيء له . ويجوز أن يكون سمي بذلك لما يئول إليه من عدم ماله بعد وفاء دينه ، ويجوز أن يكون سمي بذلك ، لأنه يمنع من التصرف في ماله ، إلا الشيء التافه الذي لا يعيش إلا به ، كالفلوس ونحوها .