( 3470 ) الفصل الثاني ، أنه . وهذا قول أكثر أهل العلم . قال لا يدفع إليه ماله قبل وجود الأمرين ، البلوغ والرشد ولو صار شيخا : أكثر علماء الأمصار من أهل ابن المنذر الحجاز ، والعراق ، والشام ، ، ومصر ، يرون الحجر على كل مضيع لماله ، صغيرا كان أو كبيرا .
وهذا قول القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وبه قال مالك والشافعي وأبو يوسف . وروى ومحمد الجوزجاني ، في " كتابه " ، قال : كان القاسم بن محمد يلي أمر شيخ من قريش ذي أهل ومال ، فلا يجوز له أمر في ماله دونه ; لضعف عقله . قال : رأيته شيخا يخضب ، وقد جاء إلى ابن إسحاق القاسم بن محمد ، فقال : يا أبا محمد ، ادفع إلي مالي ، فإنه لا يولى على مثلي فقال : إنك فاسد . فقال : امرأته طالق ألبتة ، وكل مملوك له حر ، إن لم تدفع إلي مالي . فقال له القاسم بن محمد وما يحل لنا أن ندفع إليك مالك على حالك هذه . فبعث إلى امرأته ، وقال : هي حرة مسلمة ، وما كنت لأحبسها عليك وقد فهت بطلاقها . فأرسل إليها فأخبرها ذلك ، وقال : أما رقيقك فلا عتق لك ، ولا كرامة . فحبس رقيقه . قال : ما كان يعاب على الرجل إلا سفهه . ابن إسحاق
وقال : لا يدفع ماله إليه قبل خمس وعشرين سنة ، وإن تصرف نفذ تصرفه ، فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة ، فك عنه الحجر . أبو حنيفة
ودفع إليه ماله ; لقول الله تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده . } وهذا قد بلغ أشده ، ويصلح أن يكون جدا ، ولأنه حر بالغ عاقل مكلف ، فلا يحجر عليه ، كالرشيد .
ولنا ، قول الله تعالى : { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } . علق الدفع على شرطين ، والحكم المعلق على شرطين لا يثبت بدونهما ، وقال الله تعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } . يعني أموالهم ، وقول الله تعالى : { فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل } فأثبت الولاية على السفيه ، ولأنه مبذر لماله ، فلا يجوز دفعه إليه ، كمن له دون ذلك .
وأما الآية التي احتج بها ، فإنما يدل بدليل خطابها ، وهو لا يقول به ، ثم هي مخصصة فيما قبل خمس وعشرين سنة بالإجماع ، لعلة السفه ، وهو موجود بخمس وعشرين ، فيجب أن تخص به أيضا ، كما أنها لما خصصت في حق المجنون لأجل جنونه قبل خمس وعشرين ، خصت أيضا بخمس وعشرين ، وما ذكرناه من المنطوق أولى مما استدل به من المفهوم المخصص ، وما ذكروه من كونه جدا ليس تحته معنى يقضي الحكم ، ولا له أصل يشهد له في الشرع ، فهو إثبات للحكم بالتحكم .
ثم هو متصور في من له دون هذه السن ، فإن المرأة تكون جدة لإحدى وعشرين سنة ، وقياسهم منتقض بمن له دون خمس وعشرين سنة ، وما أوجب الحجر قبل خمس وعشرين يوجبه [ ص: 297 ] بعدها .
إذا ثبت هذا فإنه لا يصح تصرفه ، ولا إقراره . وقال : يصح بيعه وإقراره . وإنما لا يسلم إليه ماله ; لأن البالغ عنده لا يحجر عليه ، وإنما منع تسليم ماله إليه للآية . وقال أصحابنا في إقراره : يلزمه بعد فك الحجر عنه ، إذا كان بالغا . أبو حنيفة
ولنا ، أنه لا يدفع إليه ماله لعدم رشده ، فلا يصح تصرفه وإقراره ، كالصبي ، والمجنون ، ولأنه إذا نفذ تصرفه وإقراره تلف ماله ، ولم يفد منعه من ماله شيئا ، ولأن تصرفه لو كان نافذا ، لسلم إليه ماله ، كالرشيد ، فإنه إنما يمنع ماله حفظا له ، فإذا لم يحفظ بالمنع ، وجب تسليمه إليه بحكم الأصل .