( 7342 ) الفصل الرابع : أن الحد إنما يلزم ، فإن من شربها مختارا لشربها ، فلا حد عليه ، ولا إثم ، سواء أكره بالوعيد والضرب ، أو ألجئ إلى شربها بأن يفتح فوه ، وتصب فيه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال { شربها مكرها } وكذلك المضطر إليها لدفع غصة بها ، إذا لم يجد مائعا سواها ، فإن الله تعالى قال في آية التحريم : { عفي لأمتي عن الخطإ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } وإن شربها لعطش ، نظرنا ; فإن كانت ممزوجة [ ص: 138 ] بما يروي من العطش ، أبيحت لدفعه عند الضرورة ، كما تباح الميتة عند المخمصة ، وكإباحتها لدفع الغصة ، وقد روينا في حديث أنه أسره عبد الله بن حذافة الروم ، فحبسه طاغيتهم في بيت فيه ماء ممزوج بخمر ، ولحم خنزير مشوي ، ليأكله ويشرب الخمر ، وتركه ثلاثة أيام ، فلم يفعل ، ثم أخرجوه حين خشوا موته ، فقال : والله لقد كان الله أحله لي ، فإني مضطر ، ولكن لم أكن لأشمتكم بدين الإسلام . وإن لم يبح له ذلك ، وعليه الحد . شربها صرفا ، أو ممزوجة بشيء يسير لا يروي من العطش ، أو شربها للتداوي ،
وقال : يباح شربها لهما . وللشافعية وجهان ، كالمذهبين . ووجه ثالث : يباح شربها للتداوي دون العطش ; لأنها حال ضرورة ، فأبيحت فيها ، لدفع الغصة وسائر ما يضطر إليه . ولنا ما روى الإمام أبو حنيفة ، بإسناده عن { أحمد طارق بن سويد ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنما أصنعها للدواء . فقال إنه ليس بدواء ، ولكنه داء } . وبإسناده عن مخارق ، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ، وقد نبذت نبيذا في جرة ، فخرج والنبيذ يهدر ، فقال : " ما هذا ؟ " فقالت : فلانة اشتكت بطنها ، فنقعت لها ، فدفعه برجله فكسره ، وقال : { أم سلمة } ولأنه محرم لعينه ، فلم يبح للتداوي ، كلحم الخنزير ; ولأن الضرورة لا تندفع به فلم يبح ، كالتداوي بها فيما لا تصلح له . إن الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء