المسألة السادسة : أن المباني والمصانع -في الملة الإسلامية- قليلة بالنسبة إلى قدرتها، ومن كان قبلها من الأمم، وذلك لأمرين: 
أحدهما: ما ذكر عن البربر بعينه، لأن العرب أعرق في البدو، وأبعد عن الصنائع. 
الثاني: أنهم كانوا -قبل الإسلام- أجانب من الممالك التي استولوا عليها، ولما تملكوها لم ينفسح الأمر حتى يستوفي رسوم الحضارة، مع أنهم استغنوا بما وجدوا من ذلك لغيرهم. 
حاجز دين: قال ابن خلدون    : لا خفاء أن الدين -إذ ذاك- كان مانعا لهم من المغالاة في البنيان والإسراف فيه، وقد عهد -لهم عمر رضي الله عنه ، حين استأذنوه في بناء الكوفة بالحجارة،   [ ص: 127 ] وقد وقع الحريق في القصب الذي كانوا بنوا به من قبل، فقال: افعلوا ولا يزيدن أحد على ثلاثة أبيات، ولا تطاولوا في البنيان، والزموا السنة تلزمكم الدولة. وعهد للوفود، وتقدم إلى الناس: أن لا يرفعوا بنيانا فوق القدر، قالوا: وما القدر؟ قال: ما لا يقربكم من السرف ولا يخرجكم عن القصد. 
				
						
						
