( باب ذكر أهل الزكاة وما يتعلق بذلك ) من بيان شروطهم وقدر ما يعطاه كل واحد منهم وصدقة التطوع ( وهم ) أي ( ثمانية أصناف ، لا يجوز صرفها إلى غيرهم ) كبناء المساجد ، والقناطر ، وسد البثوق ، وتكفين الموتى ، [ ص: 271 ] ووقف المصاحف وغير ذلك من جهات الخير ، لقوله تعالى { أهل الزكاة الذين جعلهم الشرع محلا لدفعها إليهم إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل } وكلمة " إنما " تفيد الحصر ، أي تثبت المذكورين وتنفي ما عداهم ، وكذلك تعريف الصدقات بأل ، فإنها تستغرقها ، فلو جاز صرف شيء إلى غير الثمانية لكان لهم بعضها لا كلها .
وروي عن زياد بن الحارث الصدائي قال : { } رواه أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته ، فأتاه رجل ، فقال : أعطني من الصدقة ، فقال له : إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات ، حتى حكم فيها هو ، فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك أبو داود وقال إنما هي لمن سماها الله تعالى ( وسئل أحمد الشيخ ؟ فقال : يجوز أخذه منها ما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد لمصلحة دينه ودنياه منها ) عمن ليس معه ما يشتري به كتبا للعلم يشتغل فيها قلت : ولعل ذلك غير خارج عن الأصناف ; لأن ذلك من جملة ما يحتاجه طالب العلم ، فهو كنفقته ، ويأتي : إذا تفرغ قادر على التكسب للعلم أعطى ( أحدهم ) أي الأصناف الثمانية ( الفقراء ) بدأ بهم اتباعا للنص ، ولشدة حاجتهم .
( وهم أسوأ حالا من المساكين ) لبداءة الله بهم ، وإنما يبدأ بالأهم فالأهم وقال تعالى { أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر } فأخبر أن لهم سفينة يعملون فيها ، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم المسكنة واستعاذ من الفقر فقال { } رواه اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين الترمذي ، ولا يجوز أن يسأل شدة الحاجة ويستعيذ من حالة أصلح منها ، ولأن الفقير مشتق من فقر الظهر فقيل : فقير بمعنى مفعول أي مفقور وهو الذي نزعت فقرة ظهره ، فانقطع صلبه .
وأما قوله تعالى { أو مسكينا ذا متربة } وهو المطروح على التراب ، لشدة حاجته فأجيب عنه بأنه يجوز التعبير عن الفقير بالمسكين مطلقا ، وأن هذا النعت لا يستحقه بإطلاق اسم المسكنة ( والفقير : من لا يجد شيئا [ ص: 272 ] ألبتة ) أي قطعا ( أو يجد شيئا يسيرا من الكفاية دون نصفها : من كسب أو غيره ، مما لا يقع موقعا من كفايته ) كدرهمين من عشرة ومثله وتبعه في الشرح بالزمن والأعمى لأنهما في الغالب كذلك قال تعالى { الخرقي للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله } الآية .