الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويحرم دفن اثنين فأكثر في قبر واحد ) لأنه صلى الله عليه وسلم " كان يدفن كل ميت في قبر وعلى هذا استمر فعل الصحابة و من بعدهم ( إلا لضرورة أو حاجة ) ككثرة الموتى وقلة من يدفنهم ، وخوف الفساد عليهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم يوم أحد { : ادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد } رواه النسائي وإذا دفن اثنين فأكثر في قبر واحد ف ( إن شاء سوى بين رءوسهم ، وإن شاء حفر قبرا طويلا ، وجعل رأس كل واحد ) من الموتى ( عند رجل الآخر أو ) عند ( وسطه ، كالدرج ويجعل رأس المفضول عند رجلي الفاضل ويسن حجزه بينهما بتراب ) ليصير كل واحد ، كأنه في قبر منفرد ( والتقديم إلى القبلة كالتقديم إلى الإمام في الصلاة فيسن ) .

                                                                                                                      أن يقدم الأفضل فالأفضل إلى القبلة في القبر ، لحديث هشام بن عامر قال : { شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم كثرة الجراحات يوم أحد ، فقال : احفروا ووسعوا ، وأحسنوا ، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد ، وقدموا أكثرهم قرآنا } رواه الترمذي وقال حسن صحيح ( وتقدم ) ذلك ( في صلاة الجماعة ) عند بيان موقف الإمام والمأموم ( ولا ينبش قبر ميت باق ، لميت آخر ) أي : يحرم ذلك ، لما فيه من هتك حرمته .

                                                                                                                      ( ومتى علم ) أن الميت بلي وصار رميما ( ومرادهم ) أي : الأصحاب ( ظن أنه بلي ، وصار رميما ; جاز نبشه ، ودفن غيره فيه ) أي : القبر مكانه ، ويختلف ذلك باختلاف البلاد والهواء ، وهو في البلاد الحارة أسرع منه في الباردة .

                                                                                                                      ( وإن شك في ذلك ) أي : في أنه بلي وصار رميما ( رجع إلى قول أهل الخبرة ) أي : المعرفة بذلك ( فإن حفر فوجد فيها ) أي : الأرض ( عظاما دفنها ) أي : العظام ، أي : أبقاها مكانها ، وأعاد التراب كما كان ولم يجز دفن ميت [ ص: 144 ] آخر عليه نصا ( وحفر في مكان آخر ) خال من الأموات .

                                                                                                                      ( وإذا صار ) الميت ( رميما ، جازت الزراعة والحراثة ) أي : موضع الدفن ( وغير ذلك ) كالبناء قاله أبو المعالي ( وإلا ) أي : وإن لم يصر ( فلا ) يجوز ذلك قال في الفروع : ( والمراد ) أي : بقول أبي المعالي : تجوز الزراعة والحرث ونحوهما إذا صار رميما ( إذا لم يخالف شرط واقف ، لتعيينه الجهة ) بأن عين الأرض للدفن فلا يجوز حرثها ولا غرسها وتحرم عمارة القبر إذا دثر الذي غلب على الظن بلاء صاحبه وتسوية التراب عليه في المقبرة المسبلة لئلا يتصور بصورة الجديد فيمتنع الناس من الدفن فيه قياسا على تحريم الحفر فيها قبل الحاجة إليه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية