لقوله صلى الله عليه وسلم { ( ولا ينعقد الإحرام إلا بالنية ) } ولأنه عمل وعبادة محضة فافتقر إليها كصلاة ( فهي ) أي : النية ( شرط فيه ) أي : الإحرام كالنية في الوضوء لكن سبق لك أن الإحرام : هو نية النسك فكيف يقال : لا تنعقد النية إلا بنية وإن النية شرط في النية مع أنه يؤدي إلى التسلسل ؟ وأما التجرد فليس ركنا ولا شرطا في النسك إلا أن يقال : لما كان التجرد هيئة تجامع نية النسك ربما أطلق عليها فاحتيج إلى التنبيه على أن تلك الهيئة ليست كافية بنفسها بل لا بد معها من النية وإنها لا تفتقر إلى غيرها من تلبية أو سوق هدي كما سننبه عليه . إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
( ويستحب التلفظ بما أحرم ) به ( فيقصد بنيته نسكا معينا ) لفعله صلى الله عليه وسلم وفعل من معه في حجة الوداع ولأن أحكام ذلك تختلف فاستحب تعيينه ليترتب عليه مقتضاه ( ونية النسك كافية فلا يحتاج معها إلى تلبية ولا سوق هدي ) لعموم إنما الأعمال بالنيات " .
( وإن لبى أو ساق هديا من غير نية لم ينعقد إحرامه ) للخبر ( ولو نطق بغير ما نواه نحو أن ينوي العمرة فيسبق لسانه إلى الحج أو بالعكس ) بأن ينوي الحج فيسبق لسانه إلى العمرة ( انعقد ) إحرامه ( بما نواه دون ما لفظه ) لأن النية محلها القلب وتقدم نظيره في [ ص: 409 ] الوضوء وحكاه إجماع من يحفظ عنه . ابن المنذر