فصل ( وجملة استقبال القبلة والسواك ) عند المضمضة وتقدم دليله ( وغسل الكفين ثلاثا لغير قائم من نوم ليل ) ناقض لوضوء ، ويجب ذلك ، وتقدم مستوفى ( والبداءة قبل غسل الوجه بالمضمضة ، ثم الاستنشاق ) وكونهما بيمينه ، كما تقدم بدليله وعدم الفصل بينهما ( والمبالغة فيهما ) أي : في المضمضة والاستنشاق ( لغير صائم ) وتكره له ، وتقدم ( و ) المبالغة ( في سائر الأعضاء لصائم وغيره والاستنثار ) وكونه بيساره . سنن الوضوء
قال في الآداب الكبرى : ويكره لكل أحد أن ينتثر وينقي أنفه ووسخه ودرنه ويخلع نعله ونحو ذلك بيمينه مع القدرة على ذلك بيساره ، مطلقا ، [ ص: 106 ] ، ذكره وتناول الشيء من يد غيره باليمين من المستحبات للخبر ولا يكره بيساره ، ذكره ابن عقيل والشيخ القاضي ، وقال وإذا أراد أن يناول إنسانا توقيعا أو كتابا فليقصد يمينه . عبد القادر
( و ) من سنن الوضوء وتقدم دليله وكيفيته ( تخليل أصابع اليدين والرجلين ) أي : شعور اللحية ( الكثيفة في الوجه ، والتيامن حتى بين الكفين للقائم من نوم الليل ، وبين الأذنين ، قاله ( وتخليل الشعور ) الزركشي .
وقال الأزجي : يمسحهما معا ، ومسحهما ) أي : الأذنين ( بعد الرأس بماء جديد ، ومجاوزة موضع الفرض ، والغسلة الثانية والثالثة ) .
وقال وغيره : الأولى فريضة والثانية فضيلة والثالثة سنة ، وقدمه القاضي ابن عبيدان ، قال في المستوعب : .
وإذا قيل لك : أي موضع تقدم فيه الفضيلة على السنة فقل : هنا ( وتقدم النية على مسنوناته ) إذا وجدت قبل الواجب كما تقدم ( واستصحاب ذكرها ) أي : النية ( إلى آخره ) أي : آخر الوضوء في الوجه ، غير اللحية فيخللها فقط ، جمعا بينه وبين ما تقدم ( وأن يزيد في ماء الوجه ) كما تقدم ( وقول ما ورد بعد الوضوء ، ويأتي ) آخر الباب . ( وغسل باطن الشعور الكثيفة )
لحديث ( وأن يتولى وضوءه بنفسه من غير معاونة ) { ابن عباس } رواه كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكل طهوره إلى أحد ولا صدقته التي يتصدق بها إلى أحد يكون هو الذي يتولاها بنفسه ( وتباح ابن ماجه ) متوضئا كان أو مغتسلا ( كتقريب ماء الغسل ، أو ) ماء ( الوضوء إليه أو صبه عليه ) ; لأن معاونة المتطهر { المغيرة بن شعبة أفرغ على النبي صلى الله عليه وسلم من وضوئه } رواه . مسلم
وعن صفوان بن عسال قال { } رواه صببت على النبي صلى الله عليه وسلم الماء في الحضر والسفر في الوضوء . ابن ماجه
( و ) يباح للمتطهر ( تنشيف أعضائه ) لما روى سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم { } رواه توضأ ثم قلب جبة كانت عليه فمسح بها وجهه ابن ماجه في المعجم الصغير ( وتركهما ) أي : ترك المعين والتنشيف ( أفضل ) من فعلهما ، أما ترك المعين فلحديث والطبراني السابق ، وأما ترك التنشيف فلحديث ابن عباس ميمونة { } متفق عليه . أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل ، قالت : فأتيته بالمنديل فلم يردها ، وجعل ينفض الماء بيديه
وترك النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الكراهة ، فإنه قد يترك المباح وأيضا هذه قضية في عين يحتمل أنه ترك المنديل لأمر يختص بها قال كانوا لا يرون بالمنديل بأسا ولكن كانوا يكرهون العادة ولأنه إزالة [ ص: 107 ] للماء عن بدنه ، أشبه نفض يديه . ابن عباس
( ويستحب ) ليسهل تناول الماء عند الصب ( كإناء وضوئه الضيق الرأس ) ليصب بيساره على يمينه ( وإن كان ) إناء وضوئه ( واسعا يغترف منه باليد ، فعن يمينه ) ليغترف منه بها . كون المعين عن يساره
( ولو وضأه ) أو غسل له بدنه من نحو جنابة ( أو يممه مسلم أو كتابي ) أو غيره ( بإذنه ) أي : بإذن المفعول به قلت وكذا تمكينه من ذلك ، بأن ناوله أعضاءه من غير قول ( بأن غسل له الأعضاء ، أو يممها من غير عذر كره ، وصح ) وضوءه وغسله وتيممه لوجود الغسل والمسح ، وإنما كره لعدم الحاجة إليه وخروجا من خلاف من قال بعدم الصحة ( وينويه المتوضئ ) والمغتسل ( والمتيمم ) ; لأنه المخاطب وإنما لكل امرئ ما نوى فإن لم ينوه لم يصح ، ولو نواه الفاعل .
( فإن أكره من يصب عليه الماء ) لم يصح وضوءه ، قدمه في الرعاية ، وقيل : يصح انتهى قلت والثاني أظهر ; لأن النهي يعود لخارج ; لأن صب الماء ليس من شرط الطهارة ( أو ) أكره من ( يوضئه على وضوئه لم يصح ) وكذا لو أكره من يغسله أو ييممه ، وكذا قال في المنتهى لا إن أكره فاعل ( وإن أكره المتوضئ على الوضوء أو ) أكره إنسان ( على غيره ) أي : غير الوضوء ( من العبادات ) كالغسل والصلاة والصيام والزكاة والحج ( وفعلها ) المكره ( لداعي الشرع ) بأن نوى بها التقرب إليه تعالى ( لا لداعي الإكراه صحت ) لوجود النية المعتبرة ( وإلا ) أي : وإن فعلها لداعي الإكراه ( فلا ) تصح لعدم وجود النية المعتبرة .
( ويكره ) على الصحيح من المذهب اختاره نفض الماء قاله في الإنصاف . ابن عقيل
وقال في الشرح : ولا يكره نفض الماء بيديه عن بدنه لحديث ميمونة ويكره نفض يده ذكره أبو الخطاب ا هـ . وابن عقيل
وقال في غاية المطلب هل يباح نفض يده أو يكره ؟ وجهان ، الأصح لا يكره ا هـ .
وقال في الفروع : يكرهان ، أي : وعنه ، كنفض يده لخبر المعاونة والتنشيف { أبي هريرة } رواه إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم فإنها مراوح الشيطان المعمري وغيره من رواية البحتري بن عبيد وهو متروك ، واختار صاحب المغني والمحرر وغيرهما لا يكره ، وهو أظهر وفاقا للأئمة الثلاثة .
( و ) تكره ( و ) ماء ( إراقة ماء الوضوء كالطريق تنزيها للماء ) ; لأنه أثر عبادة ( ويباح الغسل في المسجد أو في مكان يداس فيه إذا لم يؤذ به أحدا ولم يؤذ المسجد ) ; لأن المنفصل منه طاهر ( ويحرم فيه الاستنجاء والريح ) والبول ، ولو بقارورة ; لأن هواء المسجد [ ص: 108 ] كقراره ( وتكره إراقة ماء غمس فيه يده قائم من نوم ليل فيه ) أي : في المسجد خصوصا على القول بأن غسلهما معلل بوهم النجاسة . الوضوء والغسل في المسجد
( قال الشيخ ولا يغسل فيه ميت ) ; لأنه مظنة تنجيسه بما يخرج من جوفه واجب ( وقال يجوز عمل مكان فيه للوضوء للمصلحة بلا محذور ) كقرب جدار أو بحيث يؤذي المصلين ، فيمنع منه إذن . وصون المسجد عن النجاسات
وقال في الفتاوى المصرية : إذا كان في المسجد : هذا يشبه البول في المسجد في القارورة قال والأشبه أن هذا إذا فعل للحاجة فقريب ، وأما اتخاذ ذلك مبالا أو مستنجى فلا . بركة يغلق عليها باب المسجد لكن يمشى حولها دون أن يصلى حولها ، هل يحرم البول عندها والاستنجاء بالماء بغير الاستجمار بالحجر خارج المسجد الجواب
( ولا يكره نحاس ونحوه ) كحديد ورصاص لما تقدم في باب الآنية أنه عليه السلام توضأ من تور نحاس ( ولا ) يكره طهره ( من إناء بعضه نجس ) بحيث يأمن التلويث ( ولا ) يكره طهره من ( ماء بات مكشوفا ومن مغطى أولى ) قال في الفصول : ومن مغطى أفضل ، واحتج بنزول الوباء فيه وأنه لا يعلم هل يختص الشرب أو يعم ؟ يشير بذلك إلى حديث طهره من إناء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { مسلم } . غطوا الإناء وأوكوا السقاء ، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء ولا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء
( ويسن عقب فراغه من الوضوء رفع بصره إلى السماء وقول { محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين } ) لحديث أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن يرفعه قال { عمر محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء } رواه ما منكم من أحد يتوضأ فيهلغ ، أو فيسبغ الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن ورواه مسلم الترمذي وزاد فيه { } ورواه اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين أحمد وأبو داود .
وفي بعض رواياته { فأحسن الوضوء ثم رفع نظره إلى السماء } وساق الحديث { } لخبر سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك مرفوعا قال { أبي سعيد الخدري } رواه من توضأ ففرغ من وضوئه فقال : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك طبع الله عليها بطابع ثم رفعت تحت العرش ، فلم تكسر [ ص: 109 ] إلى يوم القيامة . النسائي
قال السامري : ويقرأ سورة القدر ثلاثا والحكمة في ختم الوضوء والصلاة وغيرهما بالاستغفار ، كما أشار إليه ابن رجب في تفسير سورة النصر : أن العباد مقصرون عن القيام بحقوق الله كما ينبغي وعن أدائها على الوجه اللائق بجلاله وعظمته ، وإنما يؤدونها على قدر ما يطيقونه ، فالعارف يعرف أن قدر الحق أعلى وأجل من ذلك ، فهو يستحي من عمله ويستغفر من تقصيره فيه كما يستغفر غيره من ذنوبه وغفلاته ، قال والاستغفار يرد مجردا ومقرونا بالتوبة ، فإن ورد مجردا دخل فيه طلب وقاية شر الذنب الماضي بالدعاء والندم عليه ، ووقاية شر الذنب المتوقع بالعزم على الإقلاع عنه وهذا الاستغفار الذي يمنع الإصرار والعقوبة وإن ورد مقرونا بالتوبة اختص بالنوع الأول ، فإن لم يصحبه الندم على الذنب الماضي بل كان سؤالا مجردا فهو دعاء محض وإن صحبه ندم فهو توبة والعزم على الإقلاع من تمام التوبة ( وكذا ) يقول ذلك ( بعد الغسل قاله في الفائق ) قال في الفروع : ويتوجه ذلك بعد الغسل ولم يذكروه .