القسم الأول ماء ( طهور ) قدمه لمزيته بالصفتين وهو الطاهر في ذاته المطهر لغيره ، فلهذا قال ( بمعنى المطهر ) مثل الغسول الذي يغسل به فهو من الأسماء المتعدية .
قال تعالى { وينزل [ ص: 25 ] عليكم من السماء ماء ليطهركم به } وقال صلى الله عليه وسلم { } ولو أراد به الطاهر لم يكن له مزية على غيره ; لأنه طاهر في حق كل أحد . وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
وروى والخمسة وصححه مالك من حديث ابن حبان أن رجلا سأل النبي عن الوضوء بماء البحر فقال { أبي هريرة } ولو لم يكن متعديا بمعنى المطهر لم يكن ذلك جوابا للقوم حين سألوه عن الوضوء ، به ، إذ ليس كل طاهر مطهرا وأما قوله تعالى { هو الطهور ماؤه وسقاهم ربهم شرابا طهورا } فقال أي مطهرا من الغل والغش قال في الشرح . ابن عباس
والنزاع في هذه المسألة لفظي وقد ذكرت بقية كلامه في الحاشية قال في الاختيارات : وفصل الخطاب في المسألة أن صيغة التعدي واللزوم أمر مجمل يراد به النحوي ، ولم يفرق فيه العرب بين فاعل وفعول ، والفقهي : الحكمي وقد فرق الشرع فيه بين طاهر وطهور هذا ملخص كلامه .
وقال : فائدة الخلاف أن النجاسة لا تزال بشيء من المائعات غير الماء عندنا ، ويجوز عندهم أي الحنفية . القاضي
قال الشيخ تقي الدين : ولا تدفع النجاسة عن نفسها والماء يدفعها لكونه مطهرا قال وليس طهور معدولا عن طاهر حتى يلزم موافقته له في التعدي واللزوم ، بل هو من أسماء الآلات كالسحور والوجور ا هـ وظاهر هذا أن الخلاف معنوي لا لفظي والطهور بضم الطاء المصدر قاله اليزيدي وحكي الضم فيهما والفتح فيهما ( لا يرفع الحدث ) وما في معناه غيره ( ولا يزيل النجس الطارئ غيره ) أي غير . الماء الطهور
وأما التيمم فمبيح لا رافع كما يأتي في بابه ، وكذلك الحجر ونحوه في الاستجمار مزيل للحكم فقط ( وهو ) أي الماء الطهور ( الباقي على خلقته ) أي صفته التي خلق عليها من حرارة أو برودة أو عذوبة أو ملوحة أو غيرها ( حقيقة ) بأن لم يطرأ عليه شيء ( أو حكما ) كالمتغير بمكث أو طحلب والمتصاعد من بخارات الحمام ثم يقطر والماء الطهور ما نزل من السماء كالمطر وذوب الثلج والبرد لقوله تعالى { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } .
وقوله عليه السلام { } رواه [ ص: 26 ] اللهم طهرني بالثلج والبرد وماء الأنهار والعيون والآبار ( ومنه ) أي من الطهور ( ماء البحر ) لحديث مسلم السابق ( و ) من الطهور ( ما استهلك فيه مائع طاهر ) بحيث لم يغير كثيرا من لونه أو طعمه أو ريحه ، كما يعلم مما يأتي في أقسام الطاهر ( أو ) استهلك فيه ( ماء مستعمل يسير ) ولم يغيره ، فهو باق على طهوريته لأن ذلك لا يسلبه اسم الماء المطلق أشبه الباقي على خلقته ( فتصح الطهارة به ولو كان الماء الطهور لا يكفي ) للطهارة ( قبل الخلط ) ; لأن المائع استهلك في الماء فسقط حكمه أشبه ما لو كان يكفيه فزاده مائعا وتوضأ منه وبقي القدر المائع أبي هريرة لا تصح الطهارة به ، اختاره وعنه في الجامع وحمله القاضي على أن المائع لم يستهلك وفرض الخلاف في الرعايتين والفروع في زوال طهورية الماء وعدمه ، ورده ابن عقيل ابن قندس في حواشي الفروع برد حسن .