" فصل "   ( ومن لزمه الغسل ) لجنابة أو غيرها ( حرم عليه الاعتكاف )  لقوله تعالى { ولا جنبا إلا عابري سبيل    } ولقوله صلى الله عليه وسلم { لا أحل المسجد لحائض ولا جنب   } رواه أبو داود  من حديث  عائشة    ( و ) حرم عليه ( قراءة آية فصاعدا )  رويت كراهة ذلك عن  عمر   وعلي    . 
وروى  أحمد  وأبو داود   والنسائي  من رواية عبد الله بن سلمة  بكسر اللام عن  علي  قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجبه وربما قال لا يحجزه من القرآن شيء ليس الجنابة   } رواه  ابن خزيمة   والحاكم   والدارقطني  وصححاه قال  شعبة    : لست أروي حديثا أجود من هذا . 
واختار الشيخ تقي الدين  أنه يباح للحائض أن تقرأه إذا خافت نسيانه  ، بل يجب ; لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب ، و ( لا ) يحرم عليه قراءة ( بعض آية ; ) ; لأنه لا إعجاز فيه المنقح ، ما لم تكن طويلة ( ولو كرره ) أي : البعض ( ما لم يتحيل على قراءة تحرم عليه ) كقراءة آية فأكثر ، لما يأتي أن الحيل غير جائزة في شيء من أمور الدنيا . 
  ( وله ) أي : الجنب ونحوه ( تهجيه ) أي : القرآن ;    ; لأنه ليس بقراءة له فتبطل به الصلاة لخروجه عن نظمه وإعجازه ، ذكره في الفصول ، وله التفكر فيه وتحريك شفتيه به ما لم يبين الحروف وقراءة أبعاض آية متوالية ، أو آيات سكت بينها سكوتا طويلا ، قاله في المبدع . 
( و ) له ( الذكر ) أي : أن يذكر الله تعالى ، لما روى  مسلم  عن  عائشة  قالت : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه   } ويأتي أنه يكره أذان جنب    . 
( و ) له ( قراءة لا تجزئ في الصلاة لإسرارها ) نقله عن الفروع عن ظاهر نهاية الأزجي  ، قال : وقال غيره : له تحريك شفتيه به إذا لم يبن الحروف ( وله قول ما وافق قرآنا ولم يقصده كالبسملة  [ ص: 148 ] وقول الحمد لله رب العالمين ، وكآية الاسترجاع ) { إنا لله وإنا إليه راجعون    } وهي بعض آية لا آية . 
( و ) كآية ( الركوب ) { سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون    } وكذا آية النزول : { وقل رب أنزلني منزلا مباركا    } . 
( وله أن ينظر في المصحف من غير تلاوة و ) أن ( يقرأ عليه وهو ساكت )    ; لأنه في هذه الحالة لا ينسب إلى القراءة قاله  أبو المعالي    ( ويمنع كافر من قراءته ولو رجي إسلامه ) قياسا على الجنب وأولى ( ولجنب ) ونحوه ( عبور مسجد ولو لغير حاجة ) لقوله تعالى { ولا جنبا إلا عابري سبيل    } وهو الطريق . 
وروى  سعيد بن منصور  عن  جابر  قال : كان أحدنا يمر في المسجد جنبا مجتازا وحديث  عائشة    { إن حيضتك ليست في يدك   } رواه  مسلم  شاهد بذلك ، وقيل : لحاجة فقط ومشى عليه في المختصر ، ومن الحاجة : كونه طريقا قصيرا ، لكن كره  أحمد  اتخاذه طريقا ( وكذا حائض ونفساء مع أمن تلويثه ) أي : المسجد فلهما عبوره كالجنب . 
( وإن خافتا ) أي : الحائض والنفساء ( تلويثه ) أي : المسجد    ( حرم ) دخولهما فيه ( كلبثهما فيه ) مطلقا ( ويأتي في الحيض ، ويمنع من عبوره واللبث فيه لسكران ) لقوله تعالى { ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى    } . 
( و ) يمنع منه ( المجنون ) ; لأنه أولى من السكران بالمنع   ( ويمنع ) من المسجد ( من عليه نجاسة تتعدى )    ; لأنه مظنة تلويثه ( ولا يتيمم لها ) أي : للنجاسة التي تتعدى إن احتاج اللبث ( لعذر ) وقال بعضهم يتيمم لها للعذر قال في الفروع : وهذا ضعيف ( ويسن منع الصغير منه ) نقل مهنا  ينبغي أن تجنب الصبيان المساجد    . 
قال في الآداب الكبرى : أطلقوا العبارة والمراد والله أعلم إذا كان صغيرا لا يميز لغير مصلحة ولا فائدة ا هـ فلهذا يقال ( ويمنع من اللعب فيه ، إلا لصلاة وقراءة . 
ويكره اتخاذ المسجد طريقا    ) نصا ( ويأتي في الاعتكاف ، ويحرم على جنب وحائض ونفساء انقطع دمهما اللبث فيه ) أي : المسجد  لقوله تعالى { ولا جنبا إلا عابري سبيل ، حتى تغتسلوا    } ولقوله صلى الله عليه وسلم { لا أحل المسجد لحائض ولا جنب   } رواه أبو داود    . 
( ولو مصلى عيد ; لأنه مسجد ) لقوله صلى الله عليه وسلم  [ ص: 149 ]   { وليعتزل الحيض المصلى   } ( لا مصلى الجنائز ) فليس مسجدا ; لأن صلاة الجنائز ليست ذات ركوع وسجود بخلاف صلاة العيد ( إلا أن يتوضئوا ) أي : الجنب والحائض والنفساء إذا انقطع دمهما فيجوز لهما اللبث في المسجد لما روى  سعيد بن منصور   والأثرم  عن  عطاء بن يسار  قال : رأيت رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة    . 
قال في المبدع إسناده صحيح ولأن الوضوء يخفف حدثه فيزول بعض ما يمنعه قال الشيخ تقي الدين    : وحينئذ فيجوز أن ينام في المسجد حيث ينام غيره وإن كان النوم الكثير ينقض الوضوء فذلك الوضوء الذي يرفع الحدث الأصغر ووضوء الجنب لتخفيف الجنابة ، وإلا فهذا الوضوء لا يبيح له ما يمنعه الحدث الأصغر : من الصلاة والطواف ومس المصحف نقله عنه في الآداب الكبرى واقتصر عليه . 
( فلو تعذر ) الوضوء على الجنب ونحوه ( واحتيج إليه ) أي : إلى اللبث في المسجد لخوف ضرر بخروجه منه    ( جاز ) له اللبث فيه ( من غير تيمم نصا ) واحتج بأن وفد عبد القيس  قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلهم المسجد . 
( و ) اللبث ( به ) أي : بالتيمم ( أولى ) خروجا من الخلاف ( ويتيمم ) الجنب ونحوه ( لأجل لبثه فيه لغسل ) إذا تعذر عليه الوضوء والغسل عاجلا ، قال ابن قندس    : واحتاج إلى اللبث فيه ورده في شرح المنتهى بأنه إذا احتاج للبث فيه جاز بلا تيمم قال والظاهر تقييده بعدم الاحتياج ( ولمستحاضة ومن به سلس البول عبوره ) أي : المسجد ( واللبث فيه مع أمن تلويثه ) بالنجاسة ، لحديث  عائشة    { أن امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اعتكفت معه وهي مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة ، وربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي   } رواه  البخاري    . 
( ومع خوفه ) أي خوف تلويثه ( يحرمان ) أي العبور واللبث لوجوب صون المسجد عما ينجسه ( ولا يكره لجنب ونحوه ) كحائض ونفساء ( إزالة شيء من شعره وظفره قبل غسله ) كالمحدث . 
				
						
						
