( باب صلاة التطوع ) [ ص: 411 ] قال في الاختيارات : يوم القيامة إن لم يكن المصلي أتمها وفيه حديث مرفوع رواه التطوع تكمل به صلاة الفرض في المسند وكذلك الزكاة ، وبقية الأعمال ا هـ وقال أحمد أبو العباس في الرد على الرافضي : جاءت السنة بثوابه على ما فعله وعقابه على ما تركه ولو كان باطلا كعدمه لم يجبر بالنوافل شيء والباطل في عرف الفقهاء ضد الصحيح في عرفهم وهو ما أبرأ الذمة فقولهم : تبطل صلاة وصوم من ترك ركنا بمعنى وجب القضاء لا بمعنى أنه لا يثاب عليهما شيئا في الآخرة ( وهو ) أي التطوع في الأصل : فعل الطاعة و ( شرعا ) وعرفا ( طاعة غير واجبة ) والنفل والنافلة : الزيادة والتنفل التطوع .
قال ( وأفضله ) أي التطوع ( الجهاد ) لا أعلم شيئا بعد الفرائض أفضل من الجهاد ويأتي له مزيد إيضاح في كتاب الجهاد ( ثم توابعه ) أي الجهاد ( من نفقة وغيرها فالنفقة فيه ) أي الجهاد ( أفضل من النفقة في غيره ) من أعمال البر لقوله تعالى { أحمد مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة } - الآية ( ثم علم ، تعلمه وتعليمه من حديث وفقه ونحوهما ) كتفسير وأصول لحديث { } الحديث وتقدم في الخطبة قال فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ( العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم ) ونقل أبو الدرداء مهنا : طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته .
قيل : فأي شيء تصحيح النية ؟ قال : ينوي يتواضع فيه ، وينفي عنه الجهل وقال شرط النية شديد حبب إلي ، فجمعته وسأله لأبي داود ابن هانئ : يطلب الحديث بقدر ما يظن أنه قد انتفع به ؟ قال : العلم لا يعدله شيء ونقل ابن منصور : أن تذاكر بعض ليلة أحب إلى من إحيائها - وإنه العلم الذي ينتفع به الناس في أمور دينهم قلت الصلاة والصوم والحج والطلاق ونحو هذا ؟ قال : نعم قال الشيخ أحمد تقي الدين : من فعل هذا أو غيره مما هو خير في نفسه لما فيه من المحبة له لا لله ولا لغيره من الشركاء فليس مذموما ، بل قد يثاب بأنواع من الثواب ، إما بزيادة فيها وفي أمثالها ، فيتنعم بذلك في الدنيا قال : وقد [ ص: 412 ] يكون من فوائد ذلك وثوابه في الدنيا ، أن يهديه الله إلى أن يتقرب بها إليه وهو معنى قول بعضهم طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله وقول الآخر طلبهم له نية يعني نفس طلبه حسن ينفعهم .
قال ويجب أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه قيل له : فكل العلم يقوم به دينه قال : الفرض الذي يجب عليه في نفسه لا بد له من طلبه قيل : مثل أي شيء ؟ قال : الذي لا يسعه جهله : صلاته ، وصيامه ، ونحو ذلك ومراد أحمد ما يتعين وجوبه وإن لم يتعين ففرض كفاية ذكره الأصحاب فمتى قامت طائفة بعلم لا يتعين ، وجوبه قامت بفرض كفاية ثم من تلبس به فنفل في حقه ، ووجوبه مع قيام غيره به دعوى تفتقر إلى دليل وليحذر العالم ويجتهد ، فإن ذنبه أشد نقل أحمد المروزي : العالم يقتدى به ليس العالم مثل الجاهل ، ومعناه وغيره وقال لابن المبارك : يغفر لسبعين جاهلا قبل أن يغفر لعالم واحد وقال الشيخ الفضيل بن عياض تقي الدين : أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه فذنبه من جنس ذنب اليهود والله أعلم .
وفي آداب عيون المسائل : العلم أفضل الأعمال ، وأقرب العلماء إلى الله وأولاهم به : أكثرهم له خشية ( ثم صلاة ) لما روى عن سالم بن أبي الجعد { ثوبان } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة وإسناده ثقات إلى ابن ماجه ، سالم قال : أحمد سالم لم يلق بينهما ثوبان شعبان بن أبي طلحة وله طرق فيها ضعف .
; ولأن فرضها آكد الفروض فتطوعها آكد التطوعات ; ولأنها تجمع أنواعا من العبادة : الإخلاص ، والقراءة ، والركوع والسجود ، ومناجاة الرب ، والتوجه إلى القبلة ، والتسبيح ، والتكبير ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ( ونص ) الإمام ( : أن الطواف لغريب أفضل من الصلاة في أحمد المسجد الحرام ) نقل : نرى لمن قدم حنبل مكة أن يطوف ; لأن الطواف أفضل من الصلاة والصلاة بعد ذلك .
وعن : الطواف لأهل ابن عباس العراق ، والصلاة لأهل مكة وكذا . عطاء
وذلك ; لأن الصلاة لا تختص بمكان ، فيمكن التنفل بها من أي مكان أراد ، بخلاف الطواف ( ثم سائر ما تعدى نفعه من عيادة مريض ، وقضاء حاجة مسلم وإصلاح بين الناس ونحوه ) كإبلاغ حاجة من لا يستطيع إبلاغها إلى ذي سلطان ; لأن نفعه متعد أشبه الصدقة .
وعن مرفوعا : { أبي الدرداء } رواه ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا : بلى قال : إصلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ، ونقل : [ ص: 413 ] اتباع الجنازة أفضل من الصلاة ; ولهذا حمل صاحب المحرر وغيره أفضلية الصلاة على النافع القاصر كالحج ، وإلا فالمتعدي أفضل ( وهو ) أي ما تعدى نفعه ( متفاوت ، فصدقة على قريب محتاج أفضل من عتق ) أجنبي ; لأنها صدقة وصلة ( وعتق أفضل من صدقة على أجنبي ) ; لما فيه من تخليصه من أسر الرق ( إلا زمن غلاء وحاجة ) فالصدقة ، حتى على الأجنبي ، أفضل من العتق لمسيس الحاجة إليها ( ثم حج ) لحديث : { حنبل } رواه الحج جهاد كل ضعيف وغيره . ابن ماجه
وفي الباب أحاديث كثيرة قال في الفروع : وظهر من ذلك ، أن نفل الحج أفضل من صدقة التطوع ، ومن العتق ، ومن الأضحية قال : وعلى ذلك إن مات في الحج مات شهيدا قال : وعلى هذا فالموت في طلب العلم أولى بالشهادة ، على ما سبق وللترمذي - قال : حسن غريب - عن مرفوعا { أنس } وظاهر كلام من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع والأصحاب وبقية العلماء : أن المرأة كالرجل في استحباب التطوع بالحج ، لما سبق ونقل أحمد أبو طالب : ليس يشبه الحج شيء ، للتعب الذي فيه ولتلك المشاعر .
وفيه مشهد ليس في الإسلام مثله عشية عرفة وفيه إنهاك المال والبدن ، وإن مات بعرفة فقد طهر من ذنوبه ( ثم عتق ) هكذا في المبدع ، وهو معنى كلام الفروع فيما سبق ومقتضى كلام المنتهى وغيره : أن العتق أفضل من الحج ; لأنه مما يتعدى نفعه ، كما هو مقتضى كلام المصنف أولا ( ثم صوم ) لحديث " { آدم له إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به } وإنما أضاف الله تعالى إليه الصوم ; لأنه لم يعبد به غيره في جميع الملل ، بخلاف غيره وإضافة عبادة إلى غير الله قبل الإسلام لا يوجب عدم أفضليتها في الإسلام فإن كل عمل ابن الصفا والمروة أعظم منها في مسجد من مساجد قرى الصلاة في الشام إجماعا وإن كان ذلك المسجد ما عبد فيه غير الله قط وقد أضافه الله إليه بقوله : { وأن المساجد لله } فكذا الصلاة مع الصوم .
وقيل : أضاف الصوم إليه ; لأنه لا يطلع إليه غيره وهذا لا يوجب أفضليته { } " إسناده حسن رواه وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أي العمل أفضل ؟ قال : عليك بالصوم فإنه لا مثل له أحمد من حديث والنسائي أبي أمامة فإن صح فما سبق أصح ثم يحمل على غير الصلاة ، أو بحسب السائل قاله في الفروع ، وكذلك اختار الشيخ تقي الدين أن كل واحد بحسبه وقال في الرد على الرافضي : وقد يكون كل واحد أفضل في حال ، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه رضي الله عنهم ، بحسب الحاجة والمصلحة ويوافقه قول أحمد لإبراهيم بن جعفر : [ ص: 414 ] انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله ( وقال الشيخ : : أفضل من الجهاد الذي لم تذهب فيه نفسه وماله وهي ) أي العبادة التي تستوعب الليل والنهار ( في غير العشر تعدل الجهاد ) للأخبار الصحيحة المشهورة . استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهارا
وقد رواها ( ولعل هذا مرادهم ) أي الأصحاب قال في الفروع : ولعل هذا مراد غيره وقال : العمل بالقوس والرمح أفضل في الثغر وفي غيره نظيرها . أحمد
وفي المتفق عليه عن مرفوعا { أبي هريرة } " . الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال : وكالقائم لا يفتر ، وكالصائم لا يفطر
وفي لفظ { } " ( وقال ) كالذي يصوم النهار ويقوم الليل الشيخ : ( تعلم العلم وتعليمه يدخل بعضه في الجهاد ، وإنه نوع من الجهاد ) من جهة أن به إقامة الحجج على المعاند ، وإقامة الأدلة فهو كالجهاد بالرأي على ما يأتي في الجهاد .
( تتمة ) في خطبة كفاية إنما ابن عقيل ، ولا أعظم من الباري فيكون العلم المؤدي إلى معرفته وما يجب له وما يجوز ، أجل العلوم والأشهر عن تشرف العلوم بحسب مؤدياتها : الاعتناء بالحديث والفقه ، والتحريض على ذلك وقال : ليس قوم خيرا من أهل الحديث وعاب على محدث لا يتفقه ، وقال : يعجبني أن يكون الرجل فهما في الفقه قال الشيخ أحمد تقي الدين : قال معرفة الحديث والفقه أعجب إلي من حفظه . أحمد
وفي خطبة مذهب ابن الجوزي : بضاعة الفقه أربح البضائع وفي كتاب العلم له : الفقه عمدة العلوم ا هـ .
ونقل مهنا عن أفضلية الفكر على الصلاة والصوم ، فقد يتوجه أن عمل القلب أفضل من عمل الجوارح ويكون مراد الأصحاب عمل الجوارح ، ويؤيده : حديث ( { أحمد } ) وحديث { أحب الأعمال إلى الله الحب في الله والبغض في الله } " وقد جاء صاحب الفروع في هذا الباب بالعجب العجاب فرحمه الله وجزاه أحسن الجزاء ( وآكد صلاة التطوع صلاة الكسوف ) ; لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتركها عند وجود سببها بخلاف الاستسقاء فإنه كان يستسقي تارة ويترك أخرى ( ثم صلاة الاستسقاء ) ; لأنه يشرع لها الجماعة مطلقا ، أشبهت الفرائض ( ثم التراويح ) ; لأنه لم يداوم عليها صلى الله عليه وسلم خشية أن تفرض لكنها أشبهت الفرائض من حيث مشروعية الجماعة لها ( ثم الوتر ) قدمه جماعة منهم صاحب التلخيص وجزم به في الوجيز وغيره ووجهه : أن الجماعة شرعت للتراويح مطلقا بخلاف الوتر فإنه إنما تشرع له الجماعة تبعا للتراويح ونقل أوثق عرى الإسلام أن تحب في الله وتبغض في الله : ليس بعد المكتوبة أفضل من قيام [ ص: 415 ] الليل . حنبل