- طرق استنباط المقصد من النص الشرعي
يحدد الشاطبي جملة أمور تقودنا معرفتها إلى تحديد المقصد من النص الشرعي، وهي:
1- معرفة أسباب التنـزيل التي يكون العالم بها عالما بالقرآن، والجاهل بـها، أو الغافل عنها خـارجا عن فهم المقصود بالآيات
[1] [2] وما تأكيد الشاطبي لمعرفة علم أسباب النزول إلا بيان منه لأهميتها في رفع الشبه، والإشكالات عن القرآن الكريم حين تأويله، والسنة تشارك القرآن في ذلك. غير أن معرفة أسباب التنـزيل لا تكفي وحدها لتكون سياقات محددة للنص؛ إذ يلزم إضافة إلى ذلك معرفة عادات العرب في أقوالها، وأفعالها، ومجاري أحوالها حالة التنـزيل حتى ترتفع تلك الشبه والإشكالات التي وقع فيها كثير ممن غفل عن ذلك.
ومثال ذلك: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=50 ( يخافون ربهم من فوقهم ) (النحل:50) ،
أو قوله أيضا:
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16 ( أأمنتم من في السماء ) (الملك:16) ، فتعليل مجيء الآيات
[ ص: 83 ] بالتعبير عن الفوقية للدلالة على وجود الخالق، كان حرصا على مخالفة معتاد العرب في اتخاذ الآلهة في الأرض، تنبيها على نفي ما ادعوه في الأرض، وليبيـن أن الله لا تحده ناحية ولا جهة
[3] .
فمعرفة أسباب النزول قد تتيح لنا فهم آيات الله، مثلما قد تتيح لنا المرونة في تطبيق تلك الآيات، ووضعها فيما يلائمها مصداقا لمقولة «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب» وما تحمل من صحة الأخذ بالعموم اللفظي، وإن دل الاستعمال اللغوي، أو الشرعي على خلافه. ومثاله الآية الكريمة:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44 ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هـم الكافرون ) (المائدة:44) التي نزلت في اليهود، والسـياق يدل على ذلك، إلا أن العلماء قد عموا بها غير الكفار، وسموا الحكم بغير ما أنزل الله كفرا دون كفر
[4] .
2- لا ينبغي في الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر في شرحه، وبيانه وهو السنة؛ فهي تفصل مجمله، وتبين مشكله، وتبسط مختصره، وتقيد مطلقه؛ فتخرج بذلك كثيرا من الصيغ القرآنية عن ظاهر مفهومها في أصل اللغة، ويتبين بذلك مراد الله تعالى من تلك الصيغ. ومثال ذلك: تحديدها للأموال المخصوصة بالزكاة، ومقاديرها، وأوقاتها. وبيان كيفية الصلاة، وتفصيلها، وأوقاتها، والحج ومواقيته، وغير ذلك من
[ ص: 84 ] الأمور التي بينها الرسـول صلى الله عليه وسلم بأقواله، أو أفعاله، أو تقريره. وكل ذلك مما بيـن به مراد الله تعالى من آياته. فلا محيص لمن أراد علم القرآن الكريم وقوفا على مقاصده، وغاياته من النظر في بيانه وشرحه (وهي السنة) ، وبعد ذلك ينظر في تفسير السلف الصالح إن أعوزته السنة. ومن أراد غير ذلك كان تأويله للقرآن الكريم على غير ما أنزل الله، وعمله على غير هـدى، فضلا عن خروجه عن الجماعة
[5] .
3- النظر إليه نظرة كلية، تلم الأجزاء إلى بعضها، ولا تأخذ بأطراف العـبارات دون النظر فيما وراءها
[6] ؛ إذ الواجب اعتبار خصوص الجزئيات مع اعتبار كلياتها، وبالعكس
[7] . ومن ذلك ربط المدني بالمكي، والمكي بالمدني، وربط الآيات بالأحاديث. ومن أمثلته: «ما جاء من النهي عن بيع الطعـام قبل قبضه، والنهي عن بيع الطعام بالطعام نسيئـة، والنهي عن الاحتكار، فاستقراؤها ( تتبع الجزئيات) يفضي إلى أنها دالة على علة مشـتركة هـي رواج الطعـام، وتيسـير تناوله، وهو مقصد للشارع»
[8] .
[ ص: 85 ] 4- مراعاة تغير العادات وتغير الأحوال والأزمان؛ فعادات المكلفين، وأحوالهم النفسية تختلف باختلاف ظروفهم، وأزمنتهم، وأماكنهم؛ فعادات أفراد المجتمع الواحد تختلف باختلاف أماكنهم قربا، وبعدا، وباختلاف أحوالـهم النفسية، دع عنك اخـتلاف عادات المجتمعات فيما بينها. ولا شك أن كل ذلك مما يراعى حين الوقوف على مقاصد الشرع؛ إذ أنه لا يتم استنباطها فقط من الخطاب الشرعي دون الواقع، وما يحويه من زمان، ومكان
[9] . وبمراعاة ذلك، يمكن إدراك المقصد من النص الشرعي، وتحديد دلالاته.
- طرق استنباط المقصد من النصِّ الشَّرعي
يحدِّد الشَّاطبي جملة أمور تقودنا معرفتها إلى تحديد المقصد من النص الشرعي، وهي:
1- معرفة أسباب التنـزيل التي يكون العالم بها عالما بالقرآن، والجاهل بـها، أو الغافل عنها خـارجا عن فهم المقصود بالآيات
[1] [2] وما تأكيد الشَّاطبي لمعرفة علم أسباب النُّزول إلا بيان منه لأهميتها في رفع الشُّبَه، والإشكالات عن القرآن الكريم حين تأويله، والسنَّة تشارك القرآن في ذلك. غير أنَّ معرفة أسباب التَّنـزيل لا تكفي وحدها لتكون سياقات محددة للنص؛ إذ يلزم إضافة إلى ذلك معرفة عادات العرب في أقوالها، وأفعالها، ومجاري أحوالها حالة التنـزيل حتى ترتفع تلك الشُّبَه والإشكالات التي وقع فيها كثير ممن غفل عن ذلك.
ومثال ذلك: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=50 ( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ) (النحل:50) ،
أو قوله أيضا:
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16 ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) (الملك:16) ، فتعليل مجيء الآيات
[ ص: 83 ] بالتعبير عن الفوقية للدلالة على وجود الخالق، كان حرصا على مخالفة معتاد العرب في اتخاذ الآلهة في الأرض، تنبيها على نفي ما ادعوه في الأرض، وليبيـِّن أن الله لا تحدُّه ناحية ولا جهة
[3] .
فمعرفة أسباب النُّزول قد تتيح لنا فهم آيات الله، مثلما قد تتيح لنا المرونة في تطبيق تلك الآيات، ووضعها فيما يلائمها مصداقا لمقولة «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب» وما تحمل من صحة الأخذ بالعموم اللفظي، وإن دل الاستعمال اللغوي، أو الشرعي على خلافه. ومثاله الآية الكريمة:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44 ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هـُمُ الْكَافِرُونَ ) (المائدة:44) التي نزلت في اليهود، والسِّـياق يدلُّ على ذلك، إلا أنَّ العلماء قد عمُّوا بها غير الكفار، وسموا الحكم بغير ما أنزل الله كفرًا دون كفر
[4] .
2- لا ينبغي في الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر في شرحه، وبيانه وهو السُّنة؛ فهي تفصِّل مجمله، وتبيِّن مُشْكَلَه، وتبسُط مختصره، وتقيِّد مطلقه؛ فتخرج بذلك كثيرا من الصيغ القرآنية عن ظاهر مفهومها في أصل اللغة، ويتبين بذلك مراد الله تعالى من تلك الصِّيغ. ومثال ذلك: تحديدها للأموال المخصوصة بالزكاة، ومقاديرها، وأوقاتها. وبيان كيفية الصَّلاة، وتفصيلها، وأوقاتها، والحجِّ ومواقيته، وغير ذلك من
[ ص: 84 ] الأمور التي بيَّنها الرسـول صلى الله عليه وسلم بأقواله، أو أفعاله، أو تقريره. وكلُّ ذلك مما بيـَّن به مراد الله تعالى من آياته. فلا محيص لمن أراد علم القرآن الكريم وقوفا على مقاصده، وغاياته من النَّظر في بيانه وشرحه (وهي السنَّة) ، وبعد ذلك ينظر في تفسير السَّلف الصالح إن أعوزته السُّنة. ومن أراد غير ذلك كان تأويله للقرآن الكريم على غير ما أنزل الله، وعمله على غير هـدى، فضلا عن خروجه عن الجماعة
[5] .
3- النَّظر إليه نظرة كلية، تلُم الأجزاء إلى بعضها، ولا تأخذ بأطراف العـبارات دون النَّظر فيما وراءها
[6] ؛ إذ الواجب اعتبار خصوص الجزئيات مع اعتبار كلياتها، وبالعكس
[7] . ومن ذلك ربط المدني بالمكي، والمكي بالمدني، وربط الآيات بالأحاديث. ومن أمثلته: «ما جاء من النهي عن بيع الطعـام قبل قبضه، والنهي عن بيع الطعام بالطعام نسيئـة، والنَّهي عن الاحتكار، فاستقراؤها ( تتبع الجزئيات) يفضي إلى أنها دالة على علة مشـتركة هـي رواج الطعـام، وتيسـير تناوله، وهو مقصد للشارع»
[8] .
[ ص: 85 ] 4- مراعاة تغير العادات وتغير الأحوال والأزمان؛ فعادات المكلفين، وأحوالهم النفسية تختلف باختلاف ظروفهم، وأزمنتهم، وأماكنهم؛ فعادات أفراد المجتمع الواحد تختلف باختلاف أماكنهم قربا، وبعدا، وباختلاف أحوالـهم النفسية، دع عنك اخـتلاف عادات المجتمعات فيما بينها. ولا شك أن كل ذلك مما يراعى حين الوقوف على مقاصد الشرع؛ إذ أنه لا يتم استنباطها فقط من الخطاب الشرعي دون الواقع، وما يحويه من زمان، ومكان
[9] . وبمراعاة ذلك، يمكن إدراك المقصد من النَّص الشَّرعي، وتحديد دلالاته.