الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
- طرق إدراك المعنى

أكـد الشاطبي مراعاة معهود العرب الذين نزل القرآن بلسانهم، وعرفهم المستمر في لغتهم حين التعامل مع الشريعة، والوقوف على معانيها، وأكد ضرورة التزام ذلك المعهود، أو العرف العربي.

ومن شـأن العرب أنها «اهتمت بالمعـاني المبثوثة في الخطـاب وإنما أصلحت الألفاظ من أجلها» [1] ؛ وأن تجاوز معهود العرب في أساليبها والاكتفاء بتأويل اللفظ، ومنحه دلالات مختلفة على حسب هـوى [ ص: 80 ] المفسر، دون العناية بالمعنى التركيبي، وما يظهر من خلال النظرة الكلية فساد في التأويل، وسوء فهم [2] . فمن أخذ بنص جزئي معرضا عن كليه فهو مخطئ، كذلك من أخذ بالكلي معرضا عن جزئيه فهو مخطئ أيضا [3] . وقد كان الهدف من هـذه الأعراف اللغوية تحقيق نظرة كلية تأخذ بمجامع النص، وأطرافه تمكينا للوقوف على مقصده، ومعناه.

ومن النظرة الكليـة التي تأخذ بالأطراف والنظر فيما وراءها، مراعاة مقتضيات أحوال النصوص التي تسهم إسهاما كبيرا في الوقوف على معاني النص المنـزل وتأويلـه. وتعادلها في النص الشرعي أسباب التنـزيل (دواعي النص) «التي يكون العالم بها عالما بالقرآن» [4] ، وبواسطتها يتجنب الشبه والإشكالات التي يتعذر الخروج منها إلا بهذه المعرفة [5] ، «وإذا فـات نقل بعض القرائن الدالة، فات فهم الكلام جملة، أو فهم شيء منه» [6] . ويجب أن تكون المعاني المطلوب علمها، واعتقادها «سهلة المأخذ» [7] دون التماس غرائب اللفظ، ومعانيه على غير الوجه الذي ينبغي، تجنبا لكل لبس، أو إشكال [8] . [ ص: 81 ] ويمكن إجمال تلك الطرق، أو الكيفية في الآتي:

1- يراعى معهود الأمة التي يتناول خطابها بالتحليل، والاستنباط، وتراعى أساليبها، وشأنها في خطابها، والدربة فيه، ولا يصح التكلف فيه فوق ما يسعه لسان النص [9] .

2- عدم الاكتفاء بتأويل النص، ومنحه دلالات مختلفة، على حسب هـوى المفسر (المؤول) ، دون العناية بما فهم منه أهله، وأن تكون المعاني المطلوب علمها، واعتقادها سهلة المأخذ [10] .

3- يكون طلب المعنى من النص اللغوي بالعناية بالمعـنى التركيـبي، وما يظهر من خلال النظرة الكلية، وما عدا ذلك فهو فساد في التأويل، وسوء فهم. فالواجب اعتبار الجزئيات بالكليات، شأن الجزئيات مع كلياتها [11] .

4- يراعى مقام النص، وأسبابه، وما تعطيه القرائن «مقالية كانت، أم حالية، وأهميتها في ضبط المعنى المقصود» [12] .

5- يكون الفهم من النص دون التماس غرائبه، ومعانيه على غير الوجه الذي ينبغي، حتى لا تستعجم، وتستبهم خاصة وأن الغرض هـو الوقوف على المعنى، والمقصد وليس تتبع الغريب، والمشكل [13] . [ ص: 82 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية