الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              إحياء دور الوقف لتحقيق التنمية

              الدكتور / أسامة عبد المجيد العاني

              - المطلب الأول: أثر الوقف على العرض ودوره في التشغيل:

              يعمل الوقـف على تمـويل الجـوانب الإنتاجيـة للتنميـة البشرية في جانبها الاقتصادي، وذلك عن طريق حبس أموال للمشاريع الإنتاجية وبناء الهيـاكل الأسـاسية والارتقـاء بالبحث العـلمي لزيادة الإنتاج كما ونوعا.

              ويمكن حصر أثر (العرض) على جوانب التنمية البشرية بالآتي:

              1- توفير رأس المال الإنتاجي:

              تستطيع الأوقاف حبس الأمـوال لإنشاء المشـاريع الإنتاجية المختلفة، فقد أوردت المصـادر المختلفة حجم الأراضي الزراعية، التي وقفت حتى قفزت من (30%) إلى (50%) من مجمـوع الأراضي الموجودة في مصر والشام أبان العهد العثماني؛ كما تستطيع الأوقاف الإسـهام في توفير فرص اسـتثمارية لمشـاريع صناعية أو تجارية.. إلخ؛ ولا يخفى الدور الذي تضطلع به مثل هذه المشـاريع في إيجـاد فرص عمـل للأفراد تزيد من دخولهم وبالتالي تزيد من الناتج القومي الحقيقي، وهو أحد أهداف التنمية البشرية. [ ص: 188 ]

              2- توفير البنى الارتكازية:

              أسهمت الأوقاف- كما أسلفنا- في مد الطرق والجسور وبناء المستشفيات والمدارس وحفر الآبار والأنهار وإنارة الطرق والموانئ وتوفير خدمات الطرق المختلفة، الأمر الذي يسهم في توفير البنى التحتية الضرورية لتفعيل النشاط الاقتصـادي وبالتالي زيادة الدخـل الحقيقي للمجتمع ومن ثم نصيب الفرد منه، وهو أحد جوانب التنمية البشرية.

              3- الارتقاء بالبحث العلمي والتطوير:

              يؤدي إنشاء المدارس وإنفاق الأموال على العلم والعلماء في الجوانب المختلفة الضرورية للمجتمع، ومنها الجانب الصحي بشكل خاص، إلى أن تكون النتائج مستقبلا في خدمة رفع المستوى الصحي للمجتمع وتوفير الحياة الملائمة لأفراده.

              4- ضمان المناخ الاستثماري:

              لا يقتصر دور الوقف على تشجيع جانب العرض في عملية التنمية البشرية، وإنما يقوم كذلك بدور مهم في تهيئة المناخ الذي يضمن استمرار هذا العرض، وعدم تحوله عن دائرة الاقتصاد الإسلامي، ويتم ذلك عن طريق توفير الحماية للمجتمع ككل، وتوفير الثقة في الاقتصاد وتشجيع الأفراد على القيام بالمشاريع الاستثمارية المفيدة للأمة. فالأموال الموقوفة التي كانت تقدم للتجار من أجل مدهم بالأموال اللازمة للإيجار وتوفير السفن الموقوفة، تتمثل [ ص: 189 ] اليوم، في صورة جديدة، في عمليات المساهمة في تأسيس شركات وبنوك (المساهمة في بنك مصر للإسكان والتعمير، وإنشاء بنك الأوقاف في تركيا، إضافة إلى شراء أسهم وسندات في شركات تجارية وصناعية) .

              هذه الاحتياطات، من شأنـها أن تدفع المستثـمر للإقـدام على تجربته مع ثقته في إمكانية تعويضه إذا ما تعرض للفشـل، لا سمـح الله.

              إن من شأن ضمان المناخ الاستثماري ازدياد المشاريع الإنتاجية التي تسهم في تطوير التنمية البشرية من جانبين: أحدهما توفير فرص العمل وبالتالي إيجاد دخول لمن لا دخل له، وزيادة الناتج القومي وبالتالي مردوده الحقيقي على أفراد المجتمع ككل.

              5- تنمية رأس المال البشري:

              تهدف التنمية البشرية إلى إشباع الحاجات الأساسية للإنسان، من تعليم وغذاء ورعاية وصحية وسكن لائق.. إلخ من الحاجات الأساسية.

              وقد أسهم الوقف في توفير جزء من الحاجات الأساسية لجزء من أفراد المجتمع، وذلك من خلال الأموال التي حبست لمساعدة الأيتام والأرامل والعجزة والزمنى، ومن خلال فتح المستشفيات والمدارس العلمية المختلفة، إضافة إلى الإنفـاق على طلبـة العلم والعلماء، مما يوفر أفرادا قادرين بدنيا وعـلميا للقيام بالنشـاط الاقتصـادي والارتقاء بالجانب الصحي لأفراد المجتمع. [ ص: 190 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية