7- مظاهر العولمة الإدارية وانعكاساتها على التربية ومتطلباتها التربوية:
وتعني العولمة الإدارية: تعميم مفاهيم وأسس نظم الإدارة الغربية وأساليبها على بلدان العالم ومنها البلاد العربية؛ كي تؤدي وظائفها في إطار النظام الرأسمالي العالمي الجديد، أي تكوين مجتمع عالمي تحكمه أنظمة إدارية واحدة بتوصيف مهني واحد، وبأساليب ووسائل متماثلة تسهل المعاملات، وتبسط الإجراءات، على اعتبار أن العولمة الإدارية نظام جزئي ضمن منظومة العولمة يجب أن يقوم بمهامه لإتمام عولمة العالم، كما تقدم العولمة، حتى تزال الحواجز أمام تحرير التجارة ورأس المال، وانتقال السلع والأفكار والمعلومات والناس، وفتح المجال أمام الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات والشركات الوطنية المرتبطة بها لتوسيع نطاق الاستهلاك وزيادة أرباحها كقيمة تسمو فوق كل القيم والاعتبارات الأخرى.
وعولمة الإدارة على هذا النحو هي عملية تعمل مع منظومة العولمة على طمس هوية النظم الإدارية الوطنية التي تكونت وفقا لظروف مجتمعية معينة، والعمل على اختزال الآخر، وتفكيك أبنيتها التقليدية؛ بقصد تنميط متزايد للسلوك البشري، لتنتهي العولمة بتعميم نموذج الحياة الغربية [1] ، عموما، والأمريكية، خصوصا، بكل أشكالها الإدارية والسياسية والتربوية ...الخ. [ ص: 142 ]
وثمة علاقة وطيدة بين العولمة الإدارية والنظم التربوية، حيث يعد كل منهما سندا للآخر يقويه ويدعم قيامه بأدواره. فاعتماد الإدارة في البلاد العربية على نظم الإدارة الغربية، وتزايد استخدامها لتقنية المعلومات والاتصالات والإعلام، فإنها تتحول إلى مطالب واحتياجات تفرض على نظم التعليم الاستجابة لها، وذلك بتجديد مناهجها التعليمية، وتطـوير نظمها وأساليبها، واستحداث تخصصات تلبي احتياجات الإدارة المعولمة، وإلا فقدت هذه النظم التعليمية مبرر وجودها؛ نتيجة عدم وفائها بمطالب الإدارة المعولمة في البلاد العربية.
بمعنى، إن عولمة الإدارة تدفع إلى عولمة نظم التعليم في البلاد العربية، والعكس صحيح. ولاغرو هنا إن تماثل أو تطابق هيكل التعليم مع هيكل الوظائف والمهن والأجور، وتزايد الطلب على تخصصات دون أخرى، إلى غير ذلك.