1135 - مسألة :
واليمين في الغضب والرضا ، وعلى أن يطيع ، أو على أن يعصي ، أو على ما لا طاعة فيه ولا معصية سواء في كل ما ذكرنا إن تعمد الحنث في كل ذلك فعليه الكفارة ، وإن لم يتعمد الحنث ، أو لم يعقد اليمين بقلبه فلا كفارة في ذلك ، لقول الله تعالى : { ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم } فالكفارة واجبة في كل حنث قصده المرء .
وقد اختلف السلف في ذلك - : فروي عن أن لغو اليمين هو ابن عباس ولا كفارة فيها . اليمين في الغضب
قال : وهذا قول لا دليل على صحته ، بل البرهان قائم بخلافه - : كما روينا من طريق أبو محمد نا البخاري أبو معمر هو عبد الله بن عمرو هو الرقي - نا عبد الوارث بن سعيد التنوري نا - نا أيوب هو السختياني القاسم بن عاصم عن زهدم الجرمي عن أبي موسى أنه سمعه يقول { الأشعريين فوافقته وهو غضبان فاستحملناه فحلف أن لا يحملنا - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها } . أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من
فصح وجوب الكفارة في اليمين في الغضب قال تعالى : { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون } والحالف في الغضب معقد ليمينه فعليه الكفارة .
وأما - : فروينا من طريق اليمين في المعصية عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب أبي البختري : أن رجلا أضافه رجل فحلف أن يأكل ، فحلف الضيف أن لا يأكل ، فقال له : كل وإني لا أظن أن أحب إليك أن تكفر عن يمينك - فلم ير الكفارة في ذلك إلا استحبابا . ابن مسعود
ومن طريق عن حماد بن سلمة عن داود بن هند عبد الرحمن بن عابس أن [ ص: 296 ] حلف أن يجلد غلامه مائة جلدة ، ثم لم يجلده ، قال : فقلنا له في ذلك ؟ فقال : ألم تر ما صنعت ؟ تركته ، فذاك بذاك . ابن عباس
ومن طريق عن سفيان بن عيينة سليمان الأحول قال : من حلف على ملك يمينه : أن يضربه ، فإن كفارة يمينه أن لا يضربه ، وهي مع الكفارة حسنة .
ومن طريق عن عبد الرزاق عن ابن جريج المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن المغيرة عن فيمن حلف أن يضرب مملوكه ؟ قال إبراهيم : لأن يحنث أحب إلي من أن يضربه ، قال إبراهيم المعتمر : وحلفت أن أضرب مملوكة لي ، فنهاني أبي ولم يأمرني بكفارة .
ومن طريق نا محمد بن المثنى عبيد الله بن موسى العبسي نا حنظلة بن أبي سفيان الجمحي قال : سئل عمن حلف : أن لا يعتق غلاما له فأعتقه ؟ فقال طاوس : تريد من الكفارة أكثر من هذا ؟ ومن طريق طاووس عن عبد الرزاق عن هشيم أبي بشر هو جعفر بن أبي وحشية - عن في لغو اليمين ؟ قال : هو الرجل يحلف على الحرام فلا يؤاخذه الله بتركه . سعيد بن جبير
ومن طريق نا إسماعيل بن إسحاق مسدد نا نا عبد الواحد بن زياد عن عاصم الشعبي قال : اللغو في اليمين كل يمين في معصية فليست لها كفارة ، من يكفر للشيطان ؟ ومن طريق نا إسماعيل عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي نا نا عبد الواحد بن زياد سليمان الشيباني قال : سمعت عكرمة قال : من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأته : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } فيه نزلت .
ومن طريق نا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند الشعبي عن أنه قال في مسروق ، قال : كفارته تركه ، فسألت الرجل يحلف أن لا يصل أباه وأمه ؟ فقال : لم يصنع شيئا ليأت الذي هو خير ، وليكفر عن يمينه . سعيد بن جبير
واحتج أهل هذه المقالة بما روينا من طريق نا ابن أبي شيبة عن أبو أسامة نا الوليد بن كثير عبد الرحمن بن الحارث عن عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عمرو بن شعيب } . من حلف على معصية فلا [ ص: 297 ] يمين له ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له
ومن طريق أبي داود نا المنذر بن الوليد نا نا عبد الله بن بكر عبيد الله بن الأخنس عن عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عمرو بن شعيب فليدعها وليأت الذي هو خير ، فإن تركها كفارتها حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها } . لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم ، ولا في معصية الله ، ولا في قطيعة رحم ، ومن
ومن طريق حجاج بن المنهال نا عن هشيم يحيى بن عبد الله عن أبيه عن عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال : { أبي هريرة } . من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير فهو كفارتها
ومن طريق أبي داود نا محمد بن المنهال نا نا يزيد بن زريع عن حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب { سعيد بن المسيب أن قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يمين عليك ، ولا نذر في معصية الله ، ولا في قطيعة الرحم ، وفيما لا تملك عمر بن الخطاب } . [ ص: 298 ]
ومن طريق نا العقيلي أحمد بن عمرو نا إبراهيم بن المستمر نا شعيب بن حيان بن شعيب بن درهم نا يزيد بن أبي معاذ عن مسلم بن عقرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من حلف على مملوكه ليضربنه فإن كفارته أن يدعه ، وله مع كفارته خير } .
ومن طريق نا سعيد بن منصور حزم بن أبي حزم القطعي سمعت الحسن يقول : بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } . لا نذر لابن آدم في مال غيره ولا يمين في معصية
قال : كل هذا لا يصح - حديث أبو محمد صحيفة ، ولكن لا مؤنة على المالكيين ، والشافعيين ، والحنفيين في أن يحتجوا بروايته إذا وافقتهم ويصححونها حينئذ ، فإذا خالفتهم كانت حينئذ صحيفة ضعيفة . ما ندري كيف ينطق بهذا من يوقن أنه : { عمرو بن شعيب ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } أم كيف تدين به نفس تدري أن الله تعالى : { يعلم السر وأخفى } وأما حديث فمنقطع ، لأن عمر لم يسمع من سعيد بن المسيب شيئا إلا نعيه عمر على المنبر فقط ، وهؤلاء يقولون : إن المنقطع ، والمتصل سواء ، فأين هم عن هذا الأثر ؟ وأما حديث النعمان بن مقرن المزني فعن أبي هريرة يحيى بن عبيد الله - وهو ساقط متروك ذكر - ذلك ، وغيره . مسلم
وأما حديث مسلم بن عقرب ففيه شعيب بن حيان - وهو ضعيف - ويزيد بن أبي معاذ - وهو غير معروف .
وحديث الحسن مرسل - فسقط كل ما في هذا الباب .
ووجدنا نص القرآن يوجب الكفارة في ذلك بعمومه ، ومع ذلك قول رسول [ ص: 299 ] الله صلى الله عليه وسلم : { } . من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفره
فإن قيل : إن هذا فيما كان في كليهما خير إلا أن الآخر أكثر خيرا ؟ قلنا : هذه دعوى ، بل كل شر في العالم ، وكل معصية ، فالبر والتقوى خير منهما ، قال الله تعالى : { آلله خير أم ما يشركون } .
فصح أن الله تعالى خير من الأوثان ، ولا شيء من الخير في الأوثان .
وقال تعالى : { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا } ولا خير في جهنم أصلا .
ومن طريق نا مسلم نا محمد بن رافع [ ثنا عبد الرزاق ] عن معمر نا همام بن منبه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبو هريرة } . والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله
فصح بهذا الخبر وجوب التي يكون التمادي على الوفاء بها إثما - وقد روينا عن الكفارة في الحنث في اليمين أنه رأى في ذلك الكفارة ، وهو قول الحاضرين - وبالله تعالى التوفيق . عمر بن الخطاب