2137 - مسألة : ؟ [ ص: 253 ] قال الوكالة في القود رحمه الله : أمر الولي بأن يؤخذ له القود جائز لبراهين : أولها : قول الله تعالى { أبو محمد وتعاونوا على البر والتقوى } والقود : بر وتقوى ، فالتعاون فيه واجب .
وثانيها : ما قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره بالقود من اليهودي الذي رضخ رأس الجارية بالحجر ، فكان أمره - عليه السلام - عموما لكل من حضر .
وثالثها : إجماع الأمة أن السلطان إذا أوجب له ما لولي من القتل فإنه يأمر من يقتل ، والسلطان ولي من الأولياء ، فلا يجوز تخصيصه بذلك دون سائر الأولياء .
قال رحمه الله : فإذا كان ذلك كذلك ، فجائز ، إذا أمر المولى من يأخذ له القود أن يغيب فيستقيد المأمور ، وهو غائب ، إذ قد وجب القود بيقين أمر الله تعالى ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يشترط الولي في ذلك من مغيب { أبو محمد وما كان ربك نسيا } .
فإن غاب الولي ثم عفا ، فليس عفوه بشيء ، ولا شيء على القاتل - ولا يصح عفو الولي إلا بأن يبلغ ذلك المأمور بالقود ويصح عنده .
برهان ذلك : أن الله تعالى قد أباح للمأمور بأخذ القود ، وأن يأتمر للآمر له بذلك ، وأباح له دم المستقاد منه ، وأعضاءه بيقين لا شك به ، فإذا عفا الولي في غير علم المأمور بالقود فهو مضار ، والمضار متعد ، والمتعدي ظالم ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } فلا حق لذلك العفو الذي هو مضارة محضة ، وهو غير العفو الذي حض الله تعالى عليه ورسوله عليه السلام ; لأن العفو الذي حض الله تعالى عليه ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو طاعة ، وعفو المضارة معصية ، والمعصية غير الطاعة ، وهذا العفو بعد الأمر : هو عفو بخلاف العفو الذي أمر الله تعالى به نادبا إليه ، وإذ هو غيره ، فهو باطل ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { ليس لعرق ظالم حق } فهو غير لازم لذلك العافي ، وهو باق على قوده . من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
فلو بعث رسولا إلى المأمور بالقود فلا حكم له إلا حتى يبلغ إليه ، فحينئذ يصح [ ص: 254 ] ويلزم العافي ، فإن قتله المأمور بالقود بعد صحة الخبر عنده بعفو الولي فهو قاتل عمد ، أو خائن عهد ، وعليه القود ، وكذلك لو جن الآمر ولا فرق ، فالأخذ بالقود واجب ، كما أمر به - وبالله تعالى التوفيق .