[ ص: 286 ] مسألة : ؟ اختلف الناس في هذا ، فقالت طائفة : على المسلمين - : كما روينا أن من لا عاقلة له كتب إلى أبا موسى الأشعري أن الرجل يموت بيننا ليس له رحم ولا مولى ولا عصبة ؟ فكتب إليه عمر بن الخطاب : إن ترك رحما فرحم ، وإلا فالمولى ، وإلا فلبيت مال المسلمين : يرثونه ، ويعقلون عنه . عمر
وقالت طائفة : عقله على عصبة أمه - : كما روينا أن لما رجم المرأة قال لأوليائها : هذا ابنكم ترثونه ويرثكم ، وإن جنى جناية فعليكم . علي بن أبي طالب
وعن قال : إذا لاعن الرجل امرأته : فرق بينهما ولا يجتمعان أبدا ، وألحق الولد بعصبة أمه ، وترثه ، ويعقلون عنه . إبراهيم
وعن أيضا - وهو إبراهيم النخعي - في ولد الملاعنة قال : ميراثه كله لأمه ، ويعقل عنه عصبتها ، كذلك ولد الزنى ، وولد النصراني وأمه مسلمة .
وقالت طائفة : على من كان مثله - : كما روينا عن أن رجلا من أهل الجزيرة أسلم وليس له موال ، فقتل رجلا خطأ ؟ فكتب ميمون بن مهران : أن اجعلوها دية على نحوه ممن أسلم . عمر بن عبد العزيز
وقالت طائفة : على من كان مثله .
وقالت طائفة : لا شيء في ذلك : كما روينا من طريق عن عبد الرزاق ، قال : زعم ابن جريج أن سائبة من سيب عطاء مكة أصابت إنسانا فجاء إلى ، فقال له عمر بن الخطاب : ليس لك شيء ، أرأيت لو شججته ؟ قال : آخذ له منك حقه ، ولا تأخذ لي منه ؟ قال : لا ، قال : هو إذا الأرقم أن يتركني ألقم وأن يقتلوني أنقم ، قال عمر : فهو الأرقم . عمر
قال رحمه الله : فنظرنا في هذا ؟ فوجدنا الله سبحانه وتعالى يقول { أبو محمد ومن قتل مؤمنا خطأ } الآية .
ووجدنا { } ، فكان هذان النصان عامين لكل من له عاقلة ، ولكل من لا عاقلة له ولا عصبة ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قضى بالدية والغرة على العصبة لم يقل : إنه لا يجب من ذلك شيء على من لا [ ص: 287 ] عصبة له - فإذ لم يقل ، وقضى بالغرة جملة ، وقضى الله تعالى بدية مسلمة إلى أهل المقتول خطأ عموما : كان ذلك واجبا فيمن قتله خطأ من له عصبة ، ومن لا عصبة له ، وكذلك الغرة - فوجب أن لا تسقط الدية ، ولا الغرة هاهنا أيضا ، إذ لم يسقطها نص من الله تعالى ، ولا من رسوله عليه السلام . رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قضى مجملا في الجنين بغرة عبد أو أمة
فنظرنا في هذه الأقوال فوجدنا من جعلها في مال الجاني ، أو على عصبة أمه ، أو على مثله ممن أسلم : قد خص بالغرامة قوما دون سائر الناس - وهذا لا يجوز ; لأنه صلى الله عليه وسلم قال { } فلم يجز أن يغرم أحد غرامة لم يأت بإيجابها نص ولا إجماع ، ولم يقل الله تعالى ، ولا رسوله - عليه السلام - إن الدية يغرمها الأخوال ، ولا الجاني ، ولا من أسلم مع الجاني - فلا يجوز تخصيصهم ; لأنهم وغيرهم سواء في تحريم أموالهم ؟ قال إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام رحمه الله : فلم يبق إلا قول من قال : إن الدية والغرة في سهم الغارمين من الصدقات ، أو بيت مال المسلمين في كل مال موقوف لجميع مصالحهم - فوجب القول بهذا ; لأن الله تعالى أوجب الدية في كل مؤمن قتل خطأ ، وأوجب الغرة في كل جنين أصيب عموما ، إلا ولد الزنى وحده ، ومن لا يلحق بمن حملت به أمه منه فقط ; لأن الولادات متصلة من أبو محمد آدم عليه السلام إلينا ، وإلى انقراض الدنيا - أبا بعد أب - فكل من على ظهر الأرض من ولد آدم فله عصبة يعلمها الله تعالى - وإن بعدوا عنه ولا بد - إلا من ذكرنا .
فإن ، فبيقين ندري أن الله تعالى إذ أوجب عليهم الدية ، والغرة - وخفي أمرهم - فهم عند الله تعالى من الغارمين ، فحقهم في سهم الغارمين من الصدقات واجب ، فتؤدى عنهم من ذلك . كانت العصبة مجهولة ، أو كانوا فقراء
وأما ، ونحو ذلك ، فهذا لا عصبة له بيقين أصلا ، لكن الله تعالى قد أوجب في قتل الخطأ الدية ، وفي الجنين الغرة ، على جميع أهل الإسلام عاما ، لا بعضهم دون بعض ، فلا يجوز أن يخص بعضهم دون بعض . من لم يكن له أب - كولد الزنى ، وابن الملاعنة ، ومن زفت إليه غير امرأته ، وولد المرأة من المجنون يغتصبها
وهكذا وجدنا { عبد الله بن سهل - رضي الله عنه - [ ص: 288 ] من الصدقات مائة من الإبل } ، وقد ذكرناه بإسناده في " كتاب القسامة " إذ لم يعرف من قتله - وبالله تعالى التوفيق . رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ، إذ ودى