2221 - مسألة : من ؟ أحل لآخر فرج أمته
قال رحمه الله : سواء كانت امرأة أحلت أمتها لزوجها ، أو ذي رحم محرم أحل أمته لذي رحمه ، أو أجنبي فعل ذلك : فقد ذكرنا قول أبو محمد سفيان في ذلك وهو ظاهر الخطأ جدا ، لأنه جعل الولد مملوكا لمالك أمه ، وأصاب في هذا ، ثم جعله لاحق النسب بواطئ أمه - وهذا خطأ فاحش - لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { } . الولد للفراش وللعاهر الحجر
وبين عز وجل ما هو الفراش وما هو العهر ؟ فقال تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون } إلى قوله تعالى : { هم العادون } .
فهذه التي أحل مالكها فرجها لغيره ليست زوجة له ، ولا ملك يمين للذي أحلت له - وهذا خطأ ، لأن الله تعالى يقول { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام
وقد علمنا أن الذي أحل الفرج لم يهب الرقبة ولا طابت نفسه بإخراجها عن ملكه ، ولا رضي بذلك قط ، فإن كان ما طابت به نفسه من إباحة الفرج وحده حلالا ؟ [ ص: 206 ] فلا يلزمه سواه ، ولا ينفذ عليه غير ما رضي به فقط ، وإن كان ما طابت به نفسه من إباحة الفرج حراما ، فإنه لا يلزمه ، والحرام مردود ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { } فلا ينفذ عليه هبة الفرج . من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
وأما الرقبة فلم يرض قط بإخراجها عن ملكه ، فلا يحل أخذها له بغير طيب نفسه ، إلا بنص يوجب ذلك أو إجماع ؟
قال رحمه الله : فإذا الأمر كما ذكرنا فالولد غير لاحق ، والحد واجب ، إلا أن يكون جاهلا بتحريم ما فعل - وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد
2222 - مسألة : من أحل فرج أمته لغيره ؟
نا حمام نا نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي الدبري نا عن عبد الرزاق قال : أخبرني ابن جريج عمرو بن دينار أنه سمع يقول : قال طاوسا : إذا ابن عباس فليصبها وهي لها ، فليجعل به بين وركيها ؟ . أحلت امرأة الرجل ، أو ابنته ، أو أخته له جاريتها
قال : وأخبرني ابن جريج عن أبيه أنه كان لا يرى به بأسا ، وقال : هو حلال فإن ولدت فولدها حر ، والأمة لامرأته ، ولا يغرم الزوج شيئا . ابن طاوس
قال : وأخبرني ابن جريج إبراهيم بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن زادويه عن أنه قال : هو أحل من الطعام ، فإن ولدت فولدها الذي أحلت له ، وهي لسيدها الأول . طاوس
قال : وأخبرني ابن جريج قال : كان يفعل ، يحل الرجل وليدته لغلامه ، وابنه ، وأخيه - وتحلها المرأة لزوجها . عطاء بن أبي رباح
قال : وما أحب أن يفعل ، وما بلغني عن ثبت ، قال : وقد بلغني أن الرجل كان يرسل بوليدته إلى ضيفه ؟ عطاء
قال رحمه الله : فهذا قول - وبه يقول أبو محمد ، [ ص: 207 ] وقال سفيان الثوري ، وأصحابه : لا حد في ذلك أصلا . مالك
ثم اختلف قوله في الحكم في ذلك : فمرة قال : هي لمالكها المبيح ما لم تحمل ، فإن حملت قومت على الذي أبيحت له .
ومرة قال : تقام بأول وطئه على الذي أبيحت له حملت أو لم تحمل .
وقالت طائفة : إذا أحلت فقد صار ملكها للذي أحلت له بكليتها : كما روينا بالسند المذكور إلى عن عبد الرزاق عن معمر ابن مجاهد ، ، قال وعمرو بن عبيد ابن مجاهد عن أبيه : وقال عمرو عن الحسن ، ثم اتفقا : إذا أحلت الأمة لإنسان فعتقها له ، ويلحق به الولد .
وبه - إلى عن عبد الرزاق قال : أخبرني ابن جريج عبد الله بن قيس : أن الوليد بن هشام أخبره أنه سأل ؟ فقال : امرأتي أحلت جاريتها لأبيها ، قال : فهي له - فهذا قول ثان . عمر بن عبد العزيز
وذهب آخرون إلى غير هذا : كما روينا بالسند المذكور إلى عن عبد الرزاق عن معمر الزهري في الرجل يحل الجارية للرجل ؟ فقال : إن وطئها جلد مائة - أحصن أو لم يحصن ولا يلحق به الولد ، ولا يرثه ، وله أن يفتديه - ليس لهم أن يمنعوه .
وقال آخرون : بتحريم ذلك جملة : كما روينا بالسند المذكور إلى عن عبد الرزاق سفيان الثوري عن عن أبي إسحاق السبيعي قال : جاء رجل إلى سعيد بن المسيب فقال : إن أمي كانت لها جارية ، وإنها أحلتها لي أن أطأها عليها ؟ قال : لا تحل لك إلا من إحدى ثلاث : إما أن تتزوجها وإما أن تشتريها ، وإما أن تهبها لك " . ابن عمر
[ ص: 208 ] وبه - إلى عن عبد الرزاق عن معمر أن قتادة قال : لا يحل لك أن تطأ إلا فرجا لك إن شئت بعت ، وإن شئت وهبت ، وإن شئت أعتقت . ابن عمر
وبه - إلى عن عبد الرزاق عن ابن جريج عمرو بن دينار قال : لا تعار الفروج ؟ قال رحمه الله : أما قول أبو محمد فهو عنه وعن ابن عباس في غاية الصحة ، ولكنا لا نقول به ، إذ لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى { طاوس والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } الآية إلى قوله { هم العادون } فقول الله أحق أن يتبع .
وأما قول فظاهر الخطأ ، وما نعلم أحدا قال به قبله - ويبطل قوله في التقويم بما يبطل به قول من رأى أن الملك ينتقل بالإباحة ، إلا أن قول مالك : زاد إيجاب القيمة في ذلك . مالك
وأما قول ، عمر بن عبد العزيز والحسن ، قد تقدم إبطالنا إياه بأنه لا يحل أن يلزم المرء في ماله ما لم يلتزمه ، إلا أن يلزمه ذلك نص أو إجماع ، فمن أباح الفرج وحده فلم يبح الرقبة ، فلا يحل إخراج ملك الرقبة عن يده بالباطل - وليس إلا أحد وجهين لا ثالث لهما : إما جواز هبته فهو قول ومجاهد ، وإما إبطاله فهو قول ابن عباس فالرقبة في كلا الوجهين باقية على ملك مالكها ، لا يحل سوى ذلك أصلا . ابن عمر
وأما قول الزهري فخطأ أيضا لا يخلو وطء الفرج الذي أحل له من أحد وجهين لا ثالث لهما : إما أن يكون زانيا فعليه حد الزنى من الرجم والجلد أو الجلد والتغريب - أو يكون غير زان فلا شيء عليه .
وأما الاقتصار على مائة جلدة فلا وجه له ، ولا يلحق الولد هاهنا أصلا - جاهلا كان أو عالما - لأنها ليست فراشا أصلا ، ولا له فيها عقد ، ولا مهر عليه أيضا ، لأن ماله حرام ، إلا بنص أو إجماع ، ولم يوجب عليه المهر هاهنا نص ولا إجماع - وعلى [ ص: 209 ] المحلل التعزير إن كان عالما فإن كانوا جهالا ، أو أحدهم فلا شيء على الجاهل أصلا .