الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2274 - مسألة : الصيد ؟ قال أبو محمد رحمه الله : يتعلق بهذا الباب أمر الصيد ، فإن أبا حنيفة لا يرى القطع في الصيد إذا تملك أصلا ، ولا يرى القطع فيمن سرق إبلا متملكا من حرزه ، ولا على من سرق كذلك غزالا ، أو خشفا ، أو ظبيا ، أو حمارا وحشيا ، أو أرنبا ، أو غير ذلك من الصيد .

                                                                                                                                                                                          ورأى مالك ، والشافعي ، وأصحابهما ، القطع في كل ذلك على حسب الاختلاف الذي أوردناه عنهم في مراعاة الحرز . قال أبو محمد رحمه الله : وهذا مكان ما نعلم للحنفيين فيه حجة أصلا ، ولا أنه قال به أحد قبل شيخهم ، بل هو خرق للإجماع ، وخلاف للقرآن مجرد ، إلا أنهم ادعوا أنهم قاسوه على الطير ؟ فإن قالوا : إن الصيد يشبه الطير في أنهما حيوان وحشي مباح في أصله ؟ قيل لهم : فأسقطوا على هذا القياس القطع عمن سرق ياقوتا ، أو ذهبا ، أو فضة ، أو نحاسا ، أو حديدا ، أو رصاصا ، أو قزديرا ، أو زئبقا ، أو صوف البحر ; لأن هذا كله أجسام مباحة في الأصل ، غير متملكة كالصيد ، ولا فرق - فهذا تشبيه أعم من تشبيهكم ، وعلة أعم من علتكم . [ ص: 321 ] وأيضا - فإنهم قد نقضوا هذا القياس ، فلم يقيسوا قاتل الدجاج الإنسي على الصيد المحرم في الإحرام ، ولا قاسوا الأنعام ، والخيل - عند من يبيحها - على ذوات الأربع من الصيد ، وكان هذا كله نصا أو إجماعا متيقنا فصح أن القطع واجب على من سرق صيدا متملكا ، كما هو واجب في سائر الأموال - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية