الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2244 - مسألة : فيمن قال لامرأته : يا زانية ؟ فقالت : زنيت معك ، أو قال ذلك لرجل ، فقال : أنت أزنى مني قال أبو محمد رحمه الله : حدثنا عبد الله بن ربيع نا عبد الله بن محمد بن عثمان نا أحمد بن خالد نا علي بن عبد العزيز نا الحجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة عن قتادة قال فيمن قال لأمته : يا زانية ، فقالت : زنيت بك ، قال : تجلد تسعين . وبه - إلى حماد بن سلمة عن أبي حرة عن الحسن في امرأة حرة قالت لآخر : زنيت بك ، قال : تجلد حدين قال أبو محمد : إذا قال الرجل للمرأة ، أو قالت المرأة للرجل : زنيت بك ، فهذا اعتراف مجرد بالزنا وليس قذفا ; لأنه من قال هذا اللفظ فإنما أخبر عن نفسه ، أنه زنى ولم يخبر عن المقول له بزنا أصلا ، وقد يزني الرجل بالمرأة وهي سكرى ، أو مجنونة ، أو مغلوبة ، أو وهي جاهلة وهو عالم ، وتزني المرأة بالرجل كذلك . وكمن ابتاع أمة فإذا بها حرة ، فهي زانية ، وليس هو زانيا - فقائل هذا القول إن قاله معترفا فعليه حد الزنا فقط ، ولا شيء عليه غير ذلك ، وإن قاله لها شاتما فليس قاذفا ولا معترفا ، فلا حد عليه - لا للزنى ولا للقذف - ولكن يعزر للأذى فقط .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 258 ] فلو قال لها : زنينا معا ، أو قالت له ذلك ، فهذا إن كان قاله شاتما فهو قذف صحيح عليه حد القذف فقط ، وإن قاله معترفا فعليه حد الزنا فقط .

                                                                                                                                                                                          وكذلك على المرأة إن قالت ذلك ولا فرق حدثنا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن الزهري ، وربيعة ، قالا جميعا فيمن قال لآخر : إني أراك زانيا ، فقال له الآخر : أنت أزنى مني - وهما عفيفان - فإنهما يجلدان الحد معا - زاد ربيعة : لا يكون رجل أزنى من رجل حتى يكون زانيا - وقال مالك : يضربان الحد جميعا . قال أبو محمد رحمه الله : أما قول ربيعة " لا يكون رجل أزنى من رجل حتى يكون زانيا " فخطأ ، والمستعمل في اللغة غير هذا : قال الله تعالى { آلله خير أما يشركون } ولا خير أصلا فيما يشركون . وقال تعالى { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا } وليس في القرار في النار خير أصلا ، ولا فيها من حسن المقيل لا كثير ولا قليل - نعوذ بالله منها . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { كتاب الله أحق وشرط الله أوثق } وليس في شرط لغير الله شيء من الثقة ، ولا في غير كتاب الله تعالى في الدين شيء من الحق . وأما السنة والإجماع - فهما داخلان في كتاب الله تعالى ; لأن كل ذلك عدل الله تعالى ، فنظرنا في هذا : فوجدنا من قال لآخر : أنت أزنى مني ، ليس فيه اعتراف على نفسه بالزنا ، وإنما هو قذف صحيح ، فواجب جلده حد القذف - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية