ولو أن بانت من زوجها وكان عليه نصف الصداق ; لأن تمكينها في حال جنونها غير معتبر في إسقاط الصداق ، وكذلك لو رجلا تحته امرأة تصاب في بعض الأيام فتجن وتفيق فدعت ابن زوجها إلى أن يفجر بها في حال جنونها ففعل بانت وكان عليه نصف الصداق ; لأن فعل الصغيرة غير معتبر فيما فيه معنى العقوبة قال فإن أقر الابن الذي أمر أنه أراد الفساد يرجع الزوج عليه بنصف الصداق الذي يلزم للصغيرة في قول تزوج امرأة لم تبلغ ومثلها يجامع فدعت ابن زوجها إلى أن يأتيها ففعل أبي حنيفة ، وفي قوله الآخر يرجع به عليه أراد الفساد أو لم يرد ، ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول هذا التقسيم في الإرضاع صحيح ، فإن المرضعة قد تكون محسنة في الإرضاع بأن تخاف على الصبي الهلاك فأما في الزنا لا يتحقق هذا التقسيم ، فإن الزنا فساد كله ليس فيه من معنى الصلاح شيء حتى يقال أراد الزاني الفساد أو لم يرد ، ولكنا نقول ما ذكره صحيح ; لأن الزنا فساد من حيث إنه كبيرة ولكن قد يكون مفسد للنكاح ، وقد لا يكون ، فإنما أراد بهذا أنه إذا تعمد فساد النكاح يرجع الزوج عليه بنصف الصداق ، وإذا لم يتعمد ذلك بأن لم يعلم أنها امرأة أبيه لم يرجع الأب عليه [ ص: 309 ] بشيء ، وهذا ، كما يقال أن وأبي يوسف ، فهو مرتكب للكبيرة مستوجب للعقوبة ولكن لا يفسد به صومه ; لأنه لم يكن عالما بالصوم ، ولا قاصدا إلى الجناية عليه ، وقد روي عن من زنى في رمضان ناسيا لصومه رحمه الله في الأمالي أن أبي يوسف لم يرجع الأب على الابن بما يغرم لها من نصف الصداق ، وإذا قبلها وهي نائمة أو مكرهة رجع الأب عليه بما غرم من نصف الصداق ; لأنه إذا زنى بها فعليه الحد والحد والمهر لا يجتمعان فلا يغرم شيئا من المهر ، وإذا قبلها لم يلزمه الحد فيكون للأب أن يرجع عليه بنصف المهر ، ولكن هذا ضعيف ، فإن المهر لا يجب لها مع وجوب الحد على الواطئ وهنا نصف المهر على الواطئ إنما يجب للأب ومثل هذا يجتمع مع الحد لفقه ، وهو أن المهر لها لا يجب إلا بالوطء ، وقد وجب الحد بالوطء فلا يجب المهر ، وأما حق الرجوع للأب على الواطئ فيثبت بالتقبيل والمس من غير وطء فهناك أن الحد وجب عليه بالوطء فيمكن إثبات الرجوع له عليه باعتبار فعل آخر ، وهو التقبيل أو المس فاستقام الجمع بينهما والله أعلم بالصواب الابن إذا زنى بامرأة أبيه قبل الدخول ، وقد تعمد الفساد بأن أكرهها على ذلك