الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وكذلك فعل هؤلاء يوجب من التحريم ما يوجبه جماع البالغ المحصن حتى إن الصبي الذي يجامع مثله يتعلق بوطئه حرمة المصاهرة ، وكذا الصبية التي يجامع مثلها ثبت حرمة المصاهرة بوطئها ، وإنما يختلفون فيما إذا وطئ صغيرة لا يجامع مثلها فعلى قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى - لا يثبت به حرمة المصاهرة ، وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى يثبت لوجود فعل الوطء حقيقة وهو كامل في نفسه حتى يتعلق به الاغتسال بالإيلاج من غير إنزال ، ويثبت به سائر أحكام الوطء أيضا ، واعتبر الوطء بالعقد ، فكما أن العقد على الصغيرة كالعقد على البالغة في إيجاب الحرمة ، فكذلك الواطئ وأبو حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى - قالا : ثبوت حرمة المصاهرة ليس لعين الوطء . ألا ترى أنه لا يثبت بالوطء في غير المأتى ، ولكن ثبوته باعتبار معنى البعضية ، ولا تصور لذلك إذا كانت لا يجامع مثلها ، بخلاف ما إذا كانت يجامع مثلها ; لأن حقيقة البعضية وإن كانت باعتبار الماء فهو باطن لا يمكن الوقوف عليه فيقام السبب الظاهر مقامه ، وهو بلوغها حد الشهوة ، فإذا كانت ممن يشتهى أنزلت منزلة البالغة في ثبوت الحرمة بوطئها ، بخلاف ما إذا كانت لا تشتهى . ألا ترى أن إباحة هذا الفعل شرعا لمقصود النسل ثم جعل بلوغها حد الشهوة في حكم إباحة هذا الفعل قائما مقام حقيقة البلوغ ، فكذلك هنا ، بخلاف وجوب الاغتسال ، فإنه متعلق باستطلاق وكاء المني بمعنى الحرارة واللين في المحل ، فلهذا يستوي فيه التي يجامع مثلها والتي لا يجامع ، كما يستوي فيه الفعل في المأتى وغير المأتى .

.

التالي السابق


الخدمات العلمية