الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فأما إذا تعيب في يد المرأة بعد ما قبضت الصداق فهو على خمسة أوجه أيضا : أما إذا تعيب بآفة سماوية ثم طلقها الزوج قبل أن يدخل بها فهو بالخيار إن شاء ضمنها نصف قيمته يوم قبضت ; لتعذر رد النصف كما قبضت ، وإن شاء أخذ النصف ناقصا ، وليس عليها من ضمان النقصان شيء ; لأن الصداق كان مملوكا لها ملكا تاما فتعيبه في يدها [ ص: 76 ] لا يلزمها شيئا من ضمان النقصان .

وكذلك لو كان التعيب بفعل الصداق بنفسه فهو كالتعيب بآفة سماوية ; لأن فعله بنفسه هدر ، وكذلك لو كان التعيب بفعل المرأة ; لأن فعلها صادف ملكا صحيحا لها فلا يكون موجبا ضمان النقصان عليها بخلاف فعل الزوج قبل القبض فإنه صادف ملكها فيصلح أن يكون موجبا للضمان عليه ، فأما إذا كان التعيب في يدها بفعل أجنبي فإن الأجنبي ضامن للنقصان ، وذلك بمنزلة الزيادة المنفصلة المتولدة ; لأنه بدل جزء من عينها فيمنع تنصف الأصل بالطلاق ، وإنما يرجع الزوج عليها بنصف قيمة الصداق يوم قبضت ، وكذلك إن كان التعيب بفعل الزوج ; لأن الزوج بمنزلة الأجنبي في جنايته على الصداق بعد التسليم إليها فكان فعله كفعل أجنبي آخر في إيجاب الأرش ، وذلك يمنع تنصف الصداق بالطلاق ، وإن كان التعيب في يدها بعد الطلاق كان للزوج أن يأخذ نصف الأصل مع نصف النقصان ; لأن السبب فسد في النصف بالطلاق ، وصار مستحق الرد على الزوج فكان في يدها في هذه الحالة بمنزلة المقبوض بحكم شراء فاسد فيلزمها ضمان النقصان إذا تعيب بآفة سماوية أو بفعله بنفسه أو بفعلها ; لأنه مضمون عليها بالقبض ، والأوصاف تضمن بالقبض كالمغصوب ، وإن كان التعيب بفعل الأجنبي فالأرش بمنزلة الزيادة المنفصلة ، وقد بينا حكمه .

ووقع في المختصر أن التعيب في يدها قبل الطلاق وبعده في الحكم سواء ، وهو غلط ، بل الصحيح من الجواب في كل فصل ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية