الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( كوفي خرج إلى القادسية لحاجة ثم خرج منها إلى الحفيرة ثم خرج من الحفيرة يريد الشام وله بالقادسية نقل يريد أن يحمله منها من غير أن يمر بالكوفة ، فإنه يصلي بها ركعتين ) ; لأن القادسية كانت وطن السكنى في حقه سواء عزم على الإقامة بها خمسة عشر يوما أو لم يعزم ; لأنه من فناء الوطن الأصلي ، فإن بينها وبين الكوفة دون مسيرة السفر ، فلما خرج إلى الحفيرة انتقض وطنه بالقادسية ; لأن وطن السكنى ينقضه مثله وقد ظهر له بالحفيرة وطن السكنى ، فالتحق بمن لم يدخل القادسية ، فلهذا صلى بها ركعتين ، وشرطه أن لا يمر بالكوفة ; لأنه إذا كان يمر بها فقد عزم على الرجوع إلى وطنه الأصلي وبينه وبين وطنه الأصلي دون مسيرة السفر فكان مقيما من ساعته .

قال : ( وإن كان لم يأت الحفيرة ولكنه خرج من القادسية لحاجة حتى إذا كان قريبا من الحفيرة بدا له أن يرجع إلى القادسية فيحمل ثقله منها ويرتحل إلى الشام ، ولا يمر بالكوفة ، صلى أربعا حتى يرتحل من القادسية استحسانا ) ، وفي القياس يصلي ركعتين ; لأن وطن السكنى الذي كان له بالقادسية قد انتقض بخروجه منها على قصد الحفيرة ، كما ينتقض لو دخلها ولكنه استحسن ، فقال : القادسية كانت لي وطن السكنى ، ولم يظهر له بقصد الحفيرة وطن سكنى آخر ما لم يدخلها فبقي وطنه بالقادسية ، أرأيت لو خرج منها لبول أو غائط أو تشييع جنازة أو لاستقبال قادم أكان ينتقض وطنه بهذا القدر من الخروج لا ينتقض ، فكذلك بالخروج إلى الحفيرة ما لم يدخلها ، فلهذا صلى بالقادسية أربعا حتى يرتحل منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية