( فرع )
تعين كما علم مما مر ومما يصرح به قولهم إنه بالتعيين يخرج عن ملكه وقولهم إن الضال هو الأصل الذي تعين أولا وبه يعلم أن الأرجح من خلاف أطلقاه وكذا المجموع أنه لو عين عما بذمته من هدي أو أضحية لم يجزه وإنما أجزأ في نظيره من كفارة يمين عين عبدا عنها فإنه وإن تعين يجزئ عتق غيره مع وجوده كاملا لأنه لا يزول الملك عنه بالتعيين كما مر فقول ذبح غير المعين مع وجوده كاملا الأذرعي هذا مشكل جوابه ظاهر كما هو واضح ( ويشترط ) هنا لأنها عبادة وكونها ( عند الذبح ) ؛ لأن الأصل اقترانها بأول الفعل هذا ( إن لم يسبق ) إفراز أو ( تعيين ) وإلا فسيأتي ( وكذا ) النية في الأصح ) من تناقض فيه [ ص: 361 ] ولا يكتفي عنها بما سبق من الجعل ؛ لأن الذبح قربة في نفسه فاحتاج إليها وفارقت المنذورة الآتية بأن صيغة الجعل لجريان الخلاف في أصل اللزوم بها منحطة عن النذر فاحتاجت لمقولها وهو النية عند الذبح نعم لو اقترنت بالجعل كفت عنها عند الذبح كما يكفي اقترانها بإفراز أو تعيين ما يضحي به في مندوبة وواجبة معينة عن نذر في ذمته كما تجوز في الزكاة عند الإفراز وبعده وقبل الدفع وكل هذا أفهمه قوله إن لم . إلخ وقد يفهم أيضا أن المعينة ابتداء بنذر لا تجب فيها نية عند الذبح وهو كذلك بل لا تجب لها نية أصلا ولو عين عما في ذمته بنذر لم يحتج لنية عند الذبح ويفرق بينه وبين ما مر في المعينة عما في ذمته بأن ذاك في مجرد التعيين بالجعل وهذا في التعيين بالنذر وهو أقوى منه بالجعل ( تنبيه ) تشترط النية عند الذبح ( إن قال جعلتها أضحية
ما قررت به عبارته من أن وكذا عطف على المثبت هو ظاهر العبارة وزعم أن ظاهرها العطف على المنفي ليوافق قول الإمام والغزالي وجرى عليه في المجموع في موضع أن التعيين بالجعل كهو بالنذر تكلف ليس في محله ؛ لأن الذي في المجموع في موضعين ونقله عن الأكثرين كالروضة ما قدمته من الفرق بينهما .
( تنبيه ثان ) أطبقوا في الأضحية والهدي على أن النية فيهما حيث وجبت أو ندبت تكون عند الذبح ويجوز تقديمها عليه لا تأخيرها عنه وذكر في المجموع عن الروياني وغيره في مبحث دماء النسك وأقرهم وتبعه السبكي وغيره أن النية فيها عند التفرقة وعليه يجوز تقديمها عليها كالزكاة ولا تنافي بين البابين لإمكان الفرق بأن المقصود من الأضحية - والهدي مثلها - إراقة الدم لأنها فداء عن النفس فكان وقت الإراقة هو الذبح فتعين قرن النية بها أصالة ومن دماء النسك جبر الخلل وهو إنما يحصل بإرفاق المساكين والمحصل لذلك هو التفرقة فتعين قرن النية بها أصالة فإن قلت لم جاز في كل التقديم عما تعين دون التأخير فمات لأنا عهدنا [ ص: 362 ] في العبادات تقديم النية على فعلها ولم نعهد فيها تأخيرها عن فعلها وسره أن المقدم يمكن استصحابه إلى الفعل فكان الفعل كالمتصل به بخلاف المؤخر عن الفعل فإنه انقطعت نسبته إليه فلم يمكن انعطافه عليه ومما يؤيد ما فرقت به أولا قولهم في مبحث الدماء عند اشتراط مقارنة النية للتفرقة ما يتفرع عليه وهو لو ذبح الدم فسرق أو غصب مثلا ولو بلا تقصير من الذابح قبل التفرقة لزمه إما إعادة الذبح والتصدق به وهو الأفضل وإما شراء بدله لحما والتصدق به أي لأن النية المشترط مقارنتها للتفرقة لما وجدت عندها مع سبق صورة الذبح حصل المقصود الذي هو إرفاق المساكين كما تقرر نعم يتجه أنها حيث وجدت عند التفرقة لا بد من فقد الصارف عند الذبح ويفرق بينه وبين بعض صور فإن الصارف لا يؤثر فيها بأنه وجد هنا من التعيين ما يدفعه فلم يؤثر بخلافه ثم فإن الدم من حيث هو لم يوجد له ما يعينه فأثر الصارف فيه فتأمل ذلك كله فإنه مع كونه مهما أي مهم كما علمت لم يتعرضوا لشيء منه الأضحية التي لا تجب لها نية عند الذبح