الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ونمنعهم ) وجوبا ( إحداث كنيسة ) ، وبيعة ، وصومعة للتعبد ، ولو مع غيره كنزول المارة ( في بلد أحدثناه ) كالبصرة ، والقاهرة ( أو أسلم أهله ) حال كونهم مستقلين ، ومتغلبين ( عليه ) بأن كان من غير قتال ، ولا صلح كاليمن ، وقول شارح ، والمدينة فيه نظر ؛ لأنها من الحجاز ، وهم لا يمكنون من سكناه مطلقا كما مر ، وذلك لخبر ابن عدي { لا تبنى كنيسة في الإسلام ، ولا يجدد ما خرب منها } ، وجاء معناه عن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ، ولا مخالف لهما

                                                                                                                              ويهدم وجوبا ما أحدثوه ، وإن لم يشرط عليهم هدمه ، والصلح على تمكينهم منه باطل ، وما وجد من ذلك ، ولم يعلم أحد أنه بعد الإحداث ، أو الإسلام ، أو الفتح يبقى لاحتمال أنه كان ببرية أو قرية ، واتصل به العمران ، وكذا يقال : فيما يأتي في الصلح ، ومر في القاهرة ما له تعلق بذلك مع الجواب عنه ، أما ما بني من ذلك لنزول المارة فقط ، ولو منهم فيجوز كما جزم به صاحب الشامل ، وغيره ( وما فتح عنوة ) كمصر [ ص: 294 ] على ما مر ، وبلاد المغرب ( لا يحدثونها فيه ) أي : لا يجوز تمكينهم من ذلك ، ويجب هدم ما أحدثوه فيه ؛ لأن المسلمين ملكوها بالاستيلاء ( ولا يقرون على كنيسة كانت فيه ) حال الفتح يقينا ( في الأصح ) لذلك قال الزركشي وعليه فلا يجوز تقرير الكنائس بمصر ، والعراق ؛ لأنهما فتحا عنوة انتهى ، ومر الجواب عنه في مصر ، والمنهدمة ، ولو بفعلنا أي : قبل الفتح فيما يظهر لا يقرون عليها قطعا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أو أسلم أهله عليه ) أي : مصاحبين له ، وكائنين فيه ، أو بمعنى في أي : كائنين فيه فليتأمل . ( قوله : يقينا ) تقييد

                                                                                                                              [ ص: 294 ] لمحل الخلاف ( قوله : وعليه فلا يجوز تقرير الكنائس بمصر ) أقول : قياس ذلك امتناع تقرير كنائس القاهرة ؛ لأنه إذا كان الغرض فتح مصر عنوة فالملك بالاستيلاء شامل لما حواليها ، ومنه محل القاهرة اللهم إلا أن يقال : لم يتحقق شمول الفتح لمحل القاهرة كأن يكون به متغلب تغليبا يمنع تحقق الاستيلاء على محله ، ولا يخفى أنه في غاية البعد

                                                                                                                              ( قوله : ومر الجواب عنه ) أي : قبل فصل الأمان



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وجوبا ) إلى قول المتن ، أو أسلم في المغني إلا قوله : ولو مع غيره ( قول المتن : كنيسة ) وبيت نار للمجوس ا هـ . مغني ( قوله : وبيعة ) بالكسر للنصارى مختار ا هـ . ع ش ( قوله : وصومعة ) كجوهرة بيت للنصارى ا هـ . قاموس

                                                                                                                              ( قوله : حال كونهم مستقلين إلخ ) عليه ، ويجوز جعل على للمصاحبة أي : أو أسلم أهله معه أي : مصاحبين له ، وكائنين فيه ، أو بمعنى في أي : كائنين فيه فليتأمل ا هـ . سم ( قوله : كاليمن ) إلى قوله : قال الزركشي في النهاية إلا قوله : وذلك إلى ، وإن لم يشرط ، وقوله : ومر إلى أما ما بني ، وقوله : فقط ( قوله : وقول شارح إلخ ) تبع المغني هذا الشارح ، ثم رأيت في الروضة كالمدينة ، واليمن انتهى ، ويجاب عن نظر الشارح بأن دخولها في هذا القسم المقتضي ثبوت هذا الحكم لا ينافي اختصاصها بحكم آخر ، وهو منع سكناها لا سيما ، وهذا المنع إنما كان في آخر الإسلام ، وتحقق العمل بالحكم الأول في بدء الإسلام قبل منع السكنى ا هـ . سيد عمر عبارة ع ش

                                                                                                                              وقد يجاب بأن مراده التمثيل به لما أسلم أهله عليه فلا ينافي أن المدينة من الحجاز ، وهم لا يمكنون من الإقامة فيه ا هـ . وعبارة الرشيدي ، وقد يقال : إن المراد التمثيل لأصل ما أسلم أهله عليه مع قطع النظر عن الإحداث ، وعدمه ا هـ . ( قوله : مطلقا ) أي أحدثوا كنيسة ، ونحوها أم لا ( قوله : لخبر ابن عدي لا تبنى إلخ . ) عبارة المغني لما رواه أحمد بن عدي عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تبنى إلخ . ( قوله : وجاء معناه عن عمر إلخ ) عبارة المغني ، وروى البيهقي أن عمر رضي الله تعالى عنه لما صالح نصارى الشام كتب إليهم كتابا أنهم لا يبنون في بلادهم ، ولا فيما حولها ديرا ، ولا كنيسة ، ولا صومعة راهب ، ورواه ابن أبي شيبة عن ابن عباس ، ولا مخالف لهما من الصحابة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لهما ) أي : عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم ( قوله : والصلح إلخ ) عبارة المغني ، ولو عاقدهم الإمام على التمكن من إحداثها فالعقد باطل ا هـ . ( قوله : وما وجد ) إلى قول المتن ، وإن أطلق في المغني إلا قوله : بعد الإحداث إلى قوله : يبقى ، وقوله : وكذا إلى قوله : أما ما بني ، وقوله : فقط ، وقوله : ومر الجواب عنه في مصر ( قوله : بعد الإحداث ، أو الإسلام ) نشر على ترتيب اللف ، وقوله : أو الفتح أي : عنوة الآتي ، وقدمه إلى هنا لمجرد الاختصار ( قوله : في الصلح ) أي : في صورتي الفتح صلحا .

                                                                                                                              ( قوله : كمصر ) أي : القديمة ، ومثلها في الحكم المذكور مصرنا الآن ؛ لأنها ، وإن لم تكن موجودة حالة الفتح فأرضها المنسوبة إليها للغانمين ، فيثبت لها أحكام ما كان موجودا حال الفتح ، وبه يعلم وجوب هدم ما في مصرنا ، ومصر القديمة من الكنائس الموجودة الآن ا هـ . ع ش ، ويأتي عن سم ما يوافقه ، ومر في الشارح ما يخالفه ، ويشير إليه بقوله : الآتي ، ومر [ ص: 294 ] الجواب عنه في مصر ( قوله : على ما مر ) أي : قبيل فصل الأمان من أن مصر فتحت عنوة ، وقيل : صلحا ا هـ . ( قول المتن : لا يحدثونها إلخ ) وكما لا يجوز إحداثها لا يجوز إعادتها إذا انهدمت ا هـ . مغني ( قوله : حال الفتح إلخ ) تقييد لمحل الخلاف ، وسيذكر محترزه بقوله : والمنهدمة إلخ ( قوله : قال الزركشي إلخ ) عبارة المغني ، وعلى هذا فلا يجوز تقرير الكنائس بمصر كما قاله الزركشي ا هـ . ( قوله : فلا يجوز تقرير الكنائس بمصر ) أقول : قياس ذلك امتناع تقرير كنائس القاهرة ؛ لأنه إذا كان الغرض فتح مصر عنوة فالملك بالاستيلاء شامل لما حواليها ، ومنه محل القاهرة اللهم إلا أن يقال : لم يتحقق شمول الفتح لمحل القاهرة كأن يكون به متغلب تغليبا يمنع تحقق الاستيلاء على محله ، ولا يخفى أنه في غاية البعد ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : ومر الجواب عنه ) أي : قبيل فصل الأمان ا هـ . سم ( قوله : والمنهدمة إلخ ) أي : وما لم يعلم وجوده حال الفتح أخذا من قوله : المار يقينا ( قوله : والمنهدمة إلخ ) عبارة المغني ، ومحل الخلاف في القائمة عند الفتح أما المنهدمة ، أو التي هدمها المسلمون فلا يقرون عليها قطعا .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              لو استولى أهل حرب على بلدة أهل ذمة ، وفيها كنائسهم ثم استعدناها منهم عنوة أجري عليها حكم ما كانت عليه قبل استيلاء أهل حرب قاله صاحب الوافي ، واستظهره الزركشي ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية