وأركان السرقة الموجبة للقطع سرقة ، كذا وقع في عباراتهم وهو صحيح إذ المراد بالسرقة الثانية مطلق الأخذ خفية وبالأولى الأخذ خفية من حرز ، وسارق ومسروق ولطول الكلام فيه بدأ به فقال ( يشترط لوجوبه في المسروق ) أمور ( كونه ربع دينار ) أي مثقال ذهبا مضروبا كما في الخبر المتفق عليه وشذ من قطع بأقل منه وخبر { لعن الله السارق يسرق البيضة أو الحبل فتقطع يده } إما أريد بالبيضة فيه بيضة الحديد وبالحبل ما يساوي ربعا أو الجنس أو أن من شأن السرقة أن صاحبها يتدرج من القليل إلى الكثير حتى تقطع يده ( خالصا ) وإن تحصل من مغشوش
[ ص: 125 ] بخلاف الربع المغشوش لأنه ليس ربع دينار حقيقة ( أو ) كونه فضة كان أو غيرها يساوي ( قيمته ) بالذهب المضروب الخالص حال الإخراج من الحرز
فإن لم تعرف قيمته بالدنانير قوم بالدراهم ثم هي بالدنانير فإن لم يكن بمحل السرقة دنانير انتقل لأقرب محل إليها فيه ذلك كما هو قياس نظائره ، ولو اختلفت قيمة نقدين خالصين اعتبر أدناهما كما قاله الدارمي لوجود الاسم أي ومعه لا نظر لدرء الحد بالشبهة لأن شرطها أن تكون قوية ولا قوة لها مع صدق الاسم بأنه أخذ ما يساوي نصابا ويفرق بينه وبين ما لو شهدت بينة بأنه نصاب وأخرى بأنه دونه فلا قطع بأن هنا تعارضا أوجب إلغاءهما في الزائد على الأقل فلم يوجد الاسم ، بخلافه في مسألتنا وبينه وبين ما مر فيما لو نقص نصاب الزكاة في بعض الموازين الظاهر جريانه هنا أيضا بأن الوزن أمر حسي والتقويم أمر اجتهادي واختلاف الحسي أقوى فأثر دون اختلاف الاجتهادي
وأما قول الماوردي إن كان ثم أغلب اعتبر وإلا فوجهان فيرد وإن قال الزركشي أنه الأحسن ، بأن الغلبة لا دخل لها هنا مع النظر إلى ما مر من صدق الاسم وبأنه مع الاستواء لم يرجح شيئا فتعين ما أطلقه الدارمي ولا بد من قطع المقوم بأن يقول قيمته كذا قطعا وإن كان مستند شهادته الظن ، وبه فارق شاهدي القتل فإن مستند شهادتهما المعاينة فلم يحتج للقطع منهما وإن استوى البابان في أن الشهادة في كل إنما تفيد الظن لا القطع فاندفع ما للبلقيني هنا وهل وجوب ذكر القطع بالقيمة يختص بما هنا رعاية للحد الواجب الاحتياط له أو يعم كل شهادة بقيمة لما تقرر من الفرق كل محتمل والثاني أقرب لتصريح الشيخين نقلا عن الإمام بأن التقويم تارة ينشأ عن الاجتهاد وتارة ينشأ عن القطع أي فإذا قال قيمته كذا
[ ص: 126 ] احتمل أنه عن الاجتهاد وهو لا يكفي فوجب التصريح بما يدفع هذا الاحتمال وأن لا يتعارض بينتان وإلا أخذ بالأقل وذلك { لأنه صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم } وكان الدينار إذ ذاك اثني عشر درهما .


