الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو سقطت جرة ) مثلا من علو على إنسان ( ولم تندفع عنه إلا بكسرها ) هذا قيد للخلاف فكسرها ( ضمنها في الأصح ) ، وإن كان كسرها واجبا عليه لو لم تندفع عنه إلا به ؛ إذ لا اختيار لها يحال عليه بخلاف البهيمة فصار كمضطر لطعام يأكله ويضمنه ؛ لأنه لمصلحة نفسه ، وبحث البلقيني ومن تبعه أن صاحبها لو وضعها بمحل يضمن كروشن أو مائلة أو على وجه يغلب على الظن سقوطها لم يضمنها كاسرها قطعا ؛ لأن واضعها هو الذي أتلفها ، ولو حالت بهيمة بينه وبين طعامه لم تكن صائلة عليه ؛ لأنها لم تقصده فلا يلزمه دفعها ويضمنها ، وفارق ما مر فيما لو عم الجراد الطريق لا يضمنه المحرم ؛ لأنه حق لله تعالى فسومح فيه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولو حالت بهيمة إلخ ) كذا في الروض كغيره أيضا ، وقال قبل ذلك : يجوز دفع كل صائل عن آدمي وبهيمة عن كل معصوم من نفس وطرف وبضع ومقدماته ومال وإن قل . ا هـ .

                                                                                                                              وبه يتضح الفرق بين مسألة حيلولة البهيمة ومسألة صيالها على المال ، وأنها في الأول لم يوجد منها صيال على الطعام بل مجرد الحيلولة والمنع من الوصول إليه ، وأنها لو صالت عليه كان من قبيل الصيال على المال فله دفعها وإن أدى إلى إتلافها ، ولا ضمان على أن قوله : فلا يلزمه دفعها لا ينافي جواز الدفع نعم يختلف الحال بالضمان وعدمه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : جرة ) وهي بفتح الجيم إناء من فخار ا هـ . مغني . ( قوله : مثلا ) إلى قول المتن ويدفع في المغني إلا قوله : هذا قيد للخلاف وإلى قول المتن : وأمكن هرب في النهاية إلا قوله : نعم إلى ، ولو لم يجد . ( قوله : من علو ) بوزن قفل . ( قوله : إذ لا اختيار إلخ ) علة للضمان . ( قوله : يحال عليه ) أي : على اختياره عبارة المغني حتى يحال عليها ا هـ . أي : يحال السقوط على الجرة . ( قوله : بخلاف البهيمة ) أي : فإن لها نوع اختيار ا هـ . مغني . ( قوله : فصار ) أي : كاسر الجرة . ( قوله : كروشن ) المراد به الخارج إلى الشارع فإنه يضمن متلفه فكذا ما وضع عليه ا هـ . بجيرمي . ( قوله : لم يضمنها كاسرها إلخ ) أي : ويضمن واضعها ما تلف بها ؛ لتقصيره بوضعها على ذلك الوجه ، ولو اختلفا في التقصير وعدمه صدق الغارم ؛ لأن الأصل براءة الذمة وأخذا من قول الشارح الآتي ، ولو تنازعا في أنه أمكنه إلخ ا هـ . ع ش . ( قوله : ولو حالت بهيمة بينه إلخ ) أي : لم تمكن جائعا من وصوله إلى طعامه إلا بقتلها ا هـ . مغني . ( قوله : فلا يلزمه دفعها ) الأولى فلا يجوز له دفعها أي : حيث كانت واقفة في محل لا يختص بصاحب الطعام فإن وقفت في ملكه أي : ما يستحق منفعته فصائلة عليه فيخرجها بالأخف أخذا مما يأتي قاله ع ش وأشار الرشيدي إلى رده بقوله : انظر هل يجوز له دفعها وإن أدى لنحو قتلها ؟ وفي كلام سم إشارة إلى الجواز واعلم أن صورة المسألة أنه مضطر إلى الطعام ا هـ . أقول : وكذا يشير إلى الجواز توجيه المغني الضمان هنا بقوله ؛ لأنها لم تقصده وقتله لها لدفع الهلاك عن نفسه بالجوع فكان كأكل المضطر طعام غيره فإنه موجب للضمان ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويضمنها ) أي : إن دفعها ؛ لأن الصورة أنها لم تقصده ولم تقصد ماله ا هـ . ع ش . ( قوله : وفارق ) أي : عدم ضمان البهيمة هنا . ( قوله : لأنه حق الله إلخ ) أي : وما هنا حق الآدمي




                                                                                                                              الخدمات العلمية