ولما كان شأن فروض الكفاية مهما لكثرتها وخفائها ذكر منها جملة في أبوابها ثم استطرد هنا جملة أخرى منه فقال : ( ومن فروض الكفاية القيام بإقامة الحجج ) العلمية والبراهين القاطعة في الدين على إثبات الصانع سبحانه ، وما يجب له من الصفات ويستحيل عليه منها والنبوات وصدق الرسل وما أرسلوا به [ ص: 214 ] من الأمور الضرورية والنظرية .
( وحل المشكلات في الدين ) لتندفع الشبهات وتصفو الاعتقادات عن تمويهات المبتدعين ومعضلات الملحدين ولا يحصل كمال ذلك إلا بإتقان قواعد علم الكلام المبنية على الحكميات والإلهيات ؛ ومن ثم قال الإمام لو بقي الناس على ما كانوا عليه في صفوة الإسلام لما أوجبنا التشاغل به ، وربما نهينا عنه أي : كما جاء عن الأئمة كالشافعي ، بل جعله أقبح مما عدا الشرك ، فأما الآن وقد ثارت البدع ولا سبيل إلى تركها تلتطم فلا بد من إعداد ما يدعى به إلى الملك الحق وتحل به الشبهة ، فصار الاشتغال بأدلة المعقول وحل الشبهة من فروض الكفايات ، وأما من استراب في أصل من أصول الاعتقاد فيلزمه السعي في إزالته حتى تستقيم عقيدته ا هـ . وأقره في الروضة وتبعه الغزالي فقال : الحق أنه لا يطلق ذمه ولا مدحه ففيه منفعة ومضرة ، فباعتبار منفعته وقت الانتفاع حلال أو مندوب أو واجب ، وباعتبار مضرته وقت الإضرار حرام . ويجب على من لم يرزق قلبا سليما أن يتعلم أدوية أمراض القلب من كبر وعجب ورياء ونحوها ، كما يجب لكن كفاية تعلم علم الطب .


