الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ولما كان شأن فروض الكفاية مهما لكثرتها وخفائها ذكر منها جملة في أبوابها ثم استطرد هنا جملة أخرى منه فقال : ( ومن فروض الكفاية القيام بإقامة الحجج ) العلمية والبراهين القاطعة في الدين على إثبات الصانع سبحانه ، وما يجب له من الصفات ويستحيل عليه منها والنبوات وصدق الرسل وما أرسلوا به [ ص: 214 ] من الأمور الضرورية والنظرية .

                                                                                                                              ( وحل المشكلات في الدين ) لتندفع الشبهات وتصفو الاعتقادات عن تمويهات المبتدعين ومعضلات الملحدين ولا يحصل كمال ذلك إلا بإتقان قواعد علم الكلام المبنية على الحكميات والإلهيات ؛ ومن ثم قال الإمام لو بقي الناس على ما كانوا عليه في صفوة الإسلام لما أوجبنا التشاغل به ، وربما نهينا عنه أي : كما جاء عن الأئمة كالشافعي ، بل جعله أقبح مما عدا الشرك ، فأما الآن وقد ثارت البدع ولا سبيل إلى تركها تلتطم فلا بد من إعداد ما يدعى به إلى الملك الحق وتحل به الشبهة ، فصار الاشتغال بأدلة المعقول وحل الشبهة من فروض الكفايات ، وأما من استراب في أصل من أصول الاعتقاد فيلزمه السعي في إزالته حتى تستقيم عقيدته ا هـ . وأقره في الروضة وتبعه الغزالي فقال : الحق أنه لا يطلق ذمه ولا مدحه ففيه منفعة ومضرة ، فباعتبار منفعته وقت الانتفاع حلال أو مندوب أو واجب ، وباعتبار مضرته وقت الإضرار حرام . ويجب على من لم يرزق قلبا سليما أن يتعلم أدوية أمراض القلب من كبر وعجب ورياء ونحوها ، كما يجب لكن كفاية تعلم علم الطب .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : الضرورية ) فيه شيء مع كون الكلام في إقامة الحجج والبراهين إلا أن يقال : الضروري قد يقام عليه الدليل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ولما كان ) إلى قوله : وأما من استراب في المغني إلا قوله : ولا يحصل إلى قال الإمام : وإلى قوله : وعليه حمل الخبر الحسن في النهاية إلا قوله : وربما إلى فأما ، وقوله : وأما إلى فقال : وقوله : خلافا لما يوهمه كلام شارح ، وقوله : ولأنها إلى قوله : وبحث . ( قوله : جملة في أبوابها ) عبارة المغني في الجنائز [ ص: 214 ] غسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وفي اللقيط التقاط المنبوذ وذكر هنا الجهاد ثم استطرد إلى ذكر غيره فقال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من الأمور الضرورية ) فيه شيء إلا أن يقال الضروري قد يقام عليه الدليل سم وهو كذلك فقد يكون الضروري بالنسبة لبعض غير ضروري بالنسبة لآخر وقد يقام على الضروري منبهه لإزالة خفاء فيه ، والمنبه بصورة الدليل وإن لم يسم دليلا حقيقة ولا يضر عدم تسميته دليلا حقيقة بالنسبة لما نحن فيه إذ القيام به عند الحاجة إليه من فروض الكفاية ا هـ . سيد عمر . ( قول المتن : وحل المشكلات ) يظهر أن المشكل الأمر الذي يخفى إدراكه لدقته ، والشبهة الأمر الباطل الذي يشتبه بالحق ولا يخفى أن المراد بالحج غير حل المشكلات ، وقد يقدر على الأول من لا يقدر على الثاني سم على المنهج ا هـ . ع ش . ( قوله : وتصفو ) أي : تخلص ، وقوله : : ومعضلات إلخ أي : مشكلات ا هـ ع ش . ( قوله : كما ذلك ) أي : القيام بإقامة الحجج وحل المشكلات . ( قوله : والإلهيات ) من عطف الجزء على الكل . ( قوله : قال الإمام إلخ ) عبارة المغني وأما العلم المترجح بعلم الكلام فليس بفرض عين وما كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يشتغلون به قال الإمام إلخ . ( قوله : في صفوة الإسلام ) أي : في النورانية التي كانت حاصلة في ابتداء الإسلام قبل الاشتغال بما يفسد قلوبهم وأحوالهم ا هـ . ع ش . ( قوله : به ) أي : بعلم الكلام . ( قوله : أي : كما جاء عن الأئمة إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه وما نص عليه الشافعي من تحريم الاشتغال بعلم الكلام محمول على التوغل فيه ، وأما تعلم علم الفلسفة والشعبذة والتنجيم والرمل وعلوم الطبائعيين والسحر فحرام وتعلم الشعر مباح إن لم يكن فيه سخف أو حث على شر وإن حث على التغزل والبطالة كره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بل جعله ) أي : جعل الشافعي الاشتغال بعلم الكلام ا هـ . مغني . ( قوله : تلتطم ) حال من ضمير تركها وفي القاموس التطمت الأمواج ضرب بعضها بعضا ا هـ . ( قوله : انتهى ) أي : كلام الإمام . ( قوله : وتبعه ) أي : الإمام . ( قوله : ذمه إلخ ) أي : علم الكلام ا هـ . ع ش . ( قوله : حلال ) أي : مباح . ( قوله : ويجب ) إلى قوله : وبما تقرر في المغني إلا قوله : بأن يكون مجتهدا مطلقا . ( قوله : أن يتعلم أدوية أمراض القلب إلخ ) وقد بينها رحمه الله تعالى في إحياء علوم الدين بما لا مزيد عليه فليراجع من أراد ، وقوله : من كبر إلخ بيان لأمراض القلب ا هـ . ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية