[ ص: 226 ] عينا للواحد وكفاية للجماعة كالتسمية للأكل وتشميت العاطس وجوابه ( ابتداؤه ) به عند إقباله أو انصرافه على مسلم للخبر الحسن { . ( ويسن ) } . : إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام
وفارق الرد بأن الإيحاش والإخافة في ترك الرد أعظم منهما في ترك الابتداء . وأفتى القاضي بأن الابتداء أفضل كإبراء المعسر أفضل من إنظاره ، ويؤخذ من قوله : ابتداؤه أنه لو أتى به بعد تكلم لم يعتد به ، نعم يحتمل في تكلم سهوا أو جهلا وعذر به أنه لا يفوت الابتداء به فيجب جوابه ، أما، ولو الذمي فيحرم ابتداؤه بالسلام يشرع له السلام عليه بصيغة مما مر ، كقل له : فلان يقول السلام عليك لا بنحو سلم لي عليه على ما قيل ، والذي في الأذكار خلافه وعبارته : أو أرسل سلامه لغائب ، لزم الرسول أن يبلغه بنحو : فلان يسلم عليك كما في الأذكار أيضا . فإنه أمانة ويجب أداؤها [ ص: 227 ] ومنه يؤخذ أن محله ما إذا رضي بتحمل تلك الأمانة ، أما لو ردها فلا ، وكذا إن سكت أخذا من قولهم : لا ينسب لساكت قول وكما لو جعلت بين يديه وديعة فسكت ، ويحتمل التفصيل بين أن تظهر منه قرينة تدل على الرضا وعدمه ، ثم رأيت بعضهم قال : قالوا يجب على الموصى به تبليغه ومحله إن قبل الوصية بلفظ يدل على التحمل لتعليلهم بأنه أمانة ؛ إذ تكليفه الوجوب بمجرد الوصية بعيد ، وإذا قلنا بالوجوب فالظاهر أنه لا يلزمه قصده ، بل إذا اجتمع به وذكر بلغه انتهى . وما ذكره آخرا فيه نظر ، بل الذي يتجه أنه يلزمه قصد محله حيث لا مشقة شديدة عرفا عليه ؛ لأن أداء الأمانة ما أمكن واجب ، فإن قلت أرسل رسولا ، وقال : سلم لي على فلان التخلية لا الرد . قلت : محله إذا علم المالك بها ، وإلا وجب إعلامه بقصده إلى محله أو إرسال خبرها له مع من يثق به فكذا هنا ؛ ومن ثم قالوا في الأمانة الشرعية كثوب طيرته الريح إلى داره يلزمه فورا إن عرف مالكه إعلامه به ، ( إلا على ) نحو ( قاضي حاجة ) بول أو غائط أو جماع للنهي عنه في سنن : الواجب في الوديعة ؛ ولأن مكالمته بعيدة عن الأدب ، ( و ) شارب و ( آكل ) في فمه اللقمة لشغله عن الرد ، ( و ) كائن في ( حمام ) لاشتغاله بالاغتسال ؛ ولأنه مأوى الشياطين . ابن ماجه
وقضية الأولى ندبه على غير المشتغل بشيء ولو داخله ، والثانية عدم ندبه على من فيه ولو بمسلخة وهو قضية كراهة الصلاة فيه إلا أن يفرق ، ثم رأيت الزركشي وغيره رجحوا أنه يسلم على من بمسلخة ويوجه بأن كونه محل الشياطين لا يقتضي ترك السلام عليه ألا ترى أن السوق محلهم ، ويسن السلام على من فيه ويلزمهم الرد .
وإلا على فاسق ، بل يسن تركه إلا لعذر أو خوف مفسدة ، وإلا على مصل وساجد وملب ومؤذن ومقيم وناعس وخطيب [ ص: 228 ] ومستمعه ومستغرق القلب بدعاء إن شق عليه الرد أكثر من مشقة الآكل كما يقتضيه كلام الأذكار ، ومتخاصمين بين يدي قاض ( ولا جواب ) يجب ( عليهم ) ، إلا مستمع الخطيب فإنه يجب عليه وذلك لوضعه السلام في غير محله ، بل يكره لقاضي حاجة ونحوه كالمجامع ويسن للآكل ، نعم يسن على مجاهر بفسقه ومرتكب ذنب عظيم لم يتب منه ومبتدع وقبل وضع اللقمة بالفم ويلزمه الرد ، ولمن بالحمام وملب ونحوهما باللفظ ولمصل ومؤذن بالإشارة ، وإلا فبعد الفراغ أي إن قرب الفصل ، ويحرم على من سلم عليه نحو حربي أو مرتد ، ورجح السلام عليه بعد البلع المصنف ندبه على القارئ وإن اشتغل بالتدبر ووجوب الرد عليه ، ويتجه أخذا مما مر في الدعاء أن الكلام في متدبر لم يستغرق التدبر قلبه ، وإلا وقد شق عليه ذلك لم يسن ابتداء ولا جواب ؛ لأنه الآن بمنزلة غير المميز ، بل ينبغي فيمن استغرقه هم كذلك أن يكون حكمه ذلك .
ويسن عند التلاقي ؛ لأن نحو الماشي يخاف من نحو الراكب ؛ ولزيادة مرتبة نحو الكبير على نحو الصغير ، وظاهر قولهم حيث لم يسن الابتداء لا يجب الرد [ ص: 229 ] إلا ما استثني أنه لا يجب الرد هنا في ابتداء من لم يندب له ، ويحتمل وجوبه ؛ لأن عدم السنية هنا لأمر خارج هو مخالفة نوع من الأدب ، وخرج بالتلاقي الجالس والواقف والمضطجع فكل من ورد على أحدهم يسلم عليه مطلقا ، ولو سلم كل على الآخر فإن ترتبا كان الثاني جوابا أي ما لم يقصد به الابتداء وحده على ما بحثه بعضهم ، وإلا لزم كلا الرد . سلام صغير على كبير ، وماش على واقف أو مضطجع ، وراكب عليهم ، وقليلين على كثيرين