ولما تم أمرهم هذا وشبوا على أبيهم [عليه السلام ] نار الحزن، التفتت النفس إلى الخبر عن يوسف عليه الصلاة والسلام فيما أشار إليه قوله: لتنبئنهم الآية، فقال تعالى مخبرا عن ذلك في أسبابه: وجاءت سيارة أي قوم بليغو السير إلى الأرض التي ألقوا يوسف عليه الصلاة والسلام في جبها فأرسلوا واردهم أي رسولهم الذي يرسلونه لأجل الإشراف على الماء إلى الجب ليستقي لهم فأدلى فيه "دلوه" أي أرسلها في البئر ليملأها - وأما "دلى" فأخرجها ملاى - فاستمسك بها يوسف عليه الصلاة والسلام فأخرجه، فكأنه [ ص: 36 ] قيل: ماذا قال حين أدلى للماء فتعلق يوسف بالحبل فأطلعه فإذا هو بإنسان أجمل ما يكون؟ فقيل: "قال" أي الوارد يعلم أصحابه بالبشرى يا بشرى أي هذا أوانك فاحضري، فكأنه قيل: لم تدعوا البشرى؟ فقال: هذا غلام فأتى به إلى جماعته فسروا به كما سر وأسروه أي الوارد وأصحابه بضاعة أي حال كونه متاعا بزعمهم يتجرون فيه "والله" أي المحيط علما وقدرة "عليم" أي بالغ العلم بما يعملون وإن أسروه; قال أبو حيان ونعم ما قال: وتعلقه بالحبل يدل على صغره إذ لو كان ابن ثمانية عشر أو سبعة عشر لم يحمله الحبل غالبا، ولفظة "غلام" ترجع ذلك إذ تطلق عليه ما بين الحولين إلى البلوغ حقيقة، وقد تطلق على الرجل الكامل [انتهى -].