ولما سأل ما تقدم، قال معلما بأنه أجيب بتسخير الله له: وكذلك أي ومثل ما مكنا ليوسف في قلب الملك من المودة والاعتقاد الصالح وفي قلوب جميع الناس، ومثل ما سأل من التمكين "مكنا" أي بما لنا من العظمة ليوسف في الأرض أي مطلقا لا سيما أرض مصر بتولية ملكها إياه عليها يتبوأ أي يتخذ منزلا يرجع إليه، من باء - إذا رجع منها حيث يشاء بإنجاح جميع مقاصده، لدخولها كلها تحت سلطانه. لتبقى أنفس أهل المملكة وما ولاها على يده، فيجوز الأجر وجميل الذكر مع [ما] يزيد به من علو الشأن وفخامة القدر، فكأنه قيل: لم كان هذا؟ فقال: لأمرين: أحدهما أن لنا الأمر كله "نصيب" على وجه الاختصاص برحمتنا بما لنا من العظمة من نشاء من مستحق فيما ترون وغيره، لا نسأل عما نفعل، وقد شئنا إصابة يوسف بهذا، والثاني أنه محسن يعبد الله فانيا عن جميع الأغيار "و" نحن " لا نضيع " [ ص: 133 ] بوجه أجر المحسنين أي العريقين في تلك الصفة وإن كان لنا أن نفعل غير ذلك; روى أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحكم في أول فتوح مصر من طريق عن الكلبي رضي الله عنهما قال: فأتاه الرسول فقال: ألق عنك ثياب السجن، والبس ثيابا جددا، وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة، فلما أتاه رأى غلاما حدثا فقال: أيعلم هذا رؤياي ولا يعلمها السحرة والكهنة! وأقعده قدامه ثم قال: قال ابن عباس عثمان - يعني ابن صالح - وغيره في حديثهما: فلما استنطقه وسايله عظم في عينه، وجل أمره في قلبه، فدفع إليه خاتمه وولاه ما خلف بابه - ورجع إلى قال: وضرب بالطبل ابن عباس بمصر أن يوسف خليفة الملك; وعن أن فرعون قال عكرمة ليوسف : قد سلطتك على مصر غير أني أريد أن أجعل كرسي أطول من كرسيك بأربع أصابع! قال يوسف : نعم.