وأنذر أي يا محمد الناس جميعا، ما يحل بهم يوم يأتيهم العذاب وينكشف [ ص: 435 ] عنهم الغطاء بالموت أو البعث.
ولما كانوا [عند] إتيان العذاب قبل الموت لا ينكسرون بالكلية، بين أنهم إذ ذاك على غير هذا، فقال عاطفا على "يأتيهم" : فيقول الذين ظلموا أي أوجدوا هذا الوصف ولو على أدنى الوجوه [منهم] ومن غيرهم بسبب إتيانه من غير تمهل، وقد زال عنهم ما يفتخرون به من الأنفة والحمية والشماخة والكبر لما رأوا من الأهوال التي لا قبل لهم بها ولا صبر عليها: ربنا أي أيها المحسن إلينا بالخلق والرزق والتربية "أخرنا" أي أمهلنا إلى أجل قريب فإنك إن تؤخرنا إليه نجب دعوتك أي استدراكا لما فرطنا فيه; والإجابة: القطع على موافقة الداعي بالإرادة ونتبع أي بغاية الرغبة الرسل فيقال لهم: إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، أولم تكونوا تقولون: إن عرى صبركم لا تنحل، وحد عزائمكم لا يفل؟ أولم تكونوا أي كونا أنتم فيه في غاية المكنة أقسمتم أي جهلا وسفها أو أشرا وبطرا.
ولما لم يكن وقت إقسامهم مستغرقا للزمان قال: من قبل [ ص: 436 ] وبين الجواب المقسم عليه بقوله - حاكيا معنى قولهم لا لفظه - ليكون صريحا في المراد من غير احتمال لتعنت لو قيل: ما لنا؟ : ما لكم وأكد النفي فقال: من زوال عما أنتم عليه من الكفران وعدم الإذعان للإيمان، أو من هذه الدار إلى الدار الآخرة، أو من منازلكم التي أنتم بها، كناية عن ثبات الأمر وعدم المبالاة بالمخالف كائنا من كان