تعدون عقر النيب أفضل مجدكم بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا
[ ص: 34 ] أي: "فهلا تعدون الكمي؟"؛ و"الكمي": الداخل في السلاح؛ والمعنى: "فهلا كان أهل قرية آمنوا؟".وقوله: إلا قوم يونس ؛ استثناء ليس من الأول؛ كأنه قال: "لكن قوم يونس" ؛ لما آمنوا
وقوله: فنفعها إيمانها ؛ معناه: "هلا كانت قرية آمنت في وقت ينفعهم الإيمان؟"؛ وجرى هذا بعقب قول فرعون لما أدركه الغرق: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل
فأعلم الله - جل وعز - أن الإيمان لا ينفع عند وقوع العذاب؛ ولا عند حضور الموت ؛ الذي لا يشك فيه .
قال الله - جل وعز -: وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار
وقوم يونس - والله أعلم - لم يقع بهم العذاب؛ إنما رأوا الآية التي تدل على العذاب؛ فلما آمنوا كشفت عنهم .
ومثل ذلك العليل الذي يتوب في مرضه؛ وهو يرجو في مرضه العافية؛ ولا يخاف الموت؛ فتوبته صحيحة؛ أما الذي يعاين؛ فلا توبة له؛ قال الله - عز وجل - في قصته -: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته
فأما النصب في قوله: إلا قوم يونس ؛ فمثله من الشعر قول : [ ص: 35 ] النابغة
وقفت فيها أصيلالا أسائلها عيت جوابا وما بالربع من أحد
إلا الأواري لأيا ما أبينها والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس