( و ) منه المسجد الحرام وشمل ذلك المساجد المتلاصقة والذي بعضه مسجد وبعضه غيره كما بحثه ( تحية المسجد ) لداخل غير الإسنوي في باب الغسل ، سواء أكان متطهرا أم محدثا وتطهر عن قرب قبل جلوسه ، وقول الشارح تبعا لغيره لداخله على وضوء جرى على الغالب ، وسواء أكان مريدا للجلوس أم لا ، وقول الشيخ نصر لمريد الجلوس جرى على الغالب كما قاله الزركشي ، إذ الأمر بها معلق على مطلق الدخول تعظيما للبقعة ، وإقامة للشعار ، كما يسن لداخل مكة الإحرام ، وإن لم يرد الإقامة بها ، وسواء أكان مدرسا ينتظر كما في مقدمة شرح المهذب أم لا ، وإن نقل الزركشي عن بعض مشايخه خلافه لعدم استحضاره ذلك ، وسواء أدخل زحفا أم حبوا أم غيرهما .
ويكره إلا إن قرب قيام مكتوبة ، وإن لم تكن جمعة بحيث لو اشتغل بها فاتته فضيلة التحرم مع إمامه وكانت [ ص: 119 ] الجماعة مشروعة له ، وإن كان قد صلاها جماعة أو فرادى فيما يظهر ، أو كان خطيبا ، ودخل وقت الخطبة مع تمكنه منها ، أو دخل والإمام في مكتوبة ، أو خاف فوت سنة راتبة كما في الرونق ، ويؤيده أنه يؤخر طواف القدوم إذا خشى فوات سنة مؤكدة ، أو دخل المسجد مريدا للطواف ، وهو متمكن منه ; لحصولها بركعتيه ، ويحرم تركها ، وخرج بالمسجد الرباط ومصلى العيد وما بني في أرض مستأجرة على صورة المسجد ، وأذن بانيه في الصلاة فيه ، وهي ( ركعتان ) للحديث : أي أفضلها ذلك ، وإلا فالزيادة عليهما جائزة وتكون كلها تحية ، فإن الاشتغال بها عن فرض ضاق وقته لم ينعقد إلا من جاهل فينعقد له نفلا مطلقا ( وتحصل بفرض أو نفل ) نويت أم لا كما ذكره في البهجة ، وإن نوزع فيه لعدم انتهاك حرمة المسجد المقصودة . سلم ثم أتى بركعتين للتحية
نعم لو نوى عدمها لم يحصل فضلها فيما [ ص: 120 ] يظهر ; لوجود الصارف أخذا مما بحثه بعضهم في سنة الطواف ( لا ركعة ) أي لا يحصل بها التحية ( على الصحيح ) لخبر { } . إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين
والثاني نعم لحصول الإكرام بها المقصود من الخبر ويجري فيما بعده ( قلت : وكذا الجنازة وسجدة تلاوة و ) سجدة ( شكر ) فلا تحصل بهذه ، ولا ببعضها للحديث أيضا .
( وتتكرر ) التحية : أي طلبها ( بتكرر الدخول على قرب في الأصح ، والله أعلم ) ; لتجدد سببها كالبعد والثاني لا للمشقة وتفوت بجلوسه قبل فعلها ، وإن قصر الفصل إلا إن جلس سهوا ولم يطل الفصل كما في التحقيق ويطول الوقوف أيضا كما أفتى بها الوالد رحمه الله تعالى قياسا على فوات سجدة التلاوة بطول الفصل بعد قراءتها ، وكما يفوت سجود السهو بطول الفصل بعد سلامه ، ولو سهوا ; لأن كلا منها إنما يفعل لعارض وقد زال ، وقولهم إن تحية المسجد تفوت بجلوسه سهوا أو جهلا قبل فعلها خرج مخرج الغالب من حال داخل المسجد .
ولو فالأوجه الجواز ، ولو أحرم بها قائما ثم أراد القعود لإتمامها فالأوجه كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى جوازه حيث جلس ليأتي بها إذ ليس لنا نافلة يجب التحرم بها قائما ، وحديثها خرج مخرج الغالب ولهذا لا تفوت بجلوس قصير نسيانا أو جهلا ، وإن جرى بعض المتأخرين على خلافه . أحرم بها جالسا
ويؤخذ من ذلك فواتها بجلوسه للشرب عمدا ; لأنه إذا قيل بفواتها بجلوسه من أجلها ففواتها به لغيرها أولى ، ومر أيضا أن لنا قولا بفواتها بتقديم سجدة التلاوة عليها مع اختلاف الأئمة في وجوبها وما نحن فيه أولى ، وقياس ما مر فواتها أيضا لمن دخل غير قائم وطال الفصل قبل فعلها .
ويكره كما في الإحياء فإن دخل فليقل أربع مرات : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنها تعدل ركعتين في الفضل ، زاد دخول المسجد من غير وضوء ، ابن الرفعة : ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وغيره زاد العلي العظيم ; لأنها الطيبات الباقيات الصالحات وصلاة الحيوانات والجمادات .
وفي الأذكار عن بعضهم : يسن لمن أن يقول ذلك أربعا ، قال لم يتمكن منها لحدث أو شغل أو نحوه المصنف : إنه لا بأس به . واعلم أن التحيات [ ص: 121 ] متعددة ، تحية المسجد بالصلاة والبيت بالطواف والحرم بالإحرام ومنى بالرمي وعرفة بالوقوف ولقاء المسلم بالسلام ، وتحية الخطيب الخطبة يوم الجمعة .