( وتجوز ) ( في الأظهر ) لاتفاق نظم الصلاتين وقطع به كعكسه . ( الصبح خلف الظهر ) وكذا كل صلاة هي أقصر من صلاة الإمام
والثاني لا يجوز لأنه يحتاج إلى الخروج عن صلاة الإمام قبل فراغه ، وفي تعبيره بيجوز إيماء إلى أن تركه أولى ولو مع الانفراد ، لكن يحصل بذلك فضيلة الجماعة وإن فارق إمامه عند قيامه للثالثة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وعبارة ابن العماد : فإن شاء نوى مفارقته وسلم ، وإن شاء انتظره ليسلم معه وهو الأفضل ، فإن فارقه لم تبطل صلاته ولم تفت به الفضيلة بلا خلاف ا هـ . أي على الأظهر القائل بجواز الاقتداء ، وعللوا أفضلية الانتظار بأنه يجوز به فضل أداء السلام مع الإمام ، وقالوا تفريعا على صحة الاقتداء بمصلي الكسوف أنه يجب عليه مفارقته عند القيام الثاني من الركعة الأولى وتحصل له فضيلة الجماعة ، لأنه فارق بعذر فأشبه ما إذا قطع الإمام القدوة ، وقالوا تفريعا على صحة الاقتداء بمصلي الجنازة أنه لا يوافقه في التكبيرات وغيرها ، بل فائدته حصول فضيلة الجماعة . وقال الشارح : وظاهر أنها : أي فضيلة الجماعة لا تفوت في المفارقة المخير بينها وبين الانتظار ، ولهذا قال جماعة من المتأخرين في مسألتنا : لك أن تقول إذا كان الأولى الانفراد فلم حصلت له فضيلة الجماعة [ ص: 215 ] لأنها خلاف الأولى ا هـ .
ولا يخالف ما ذكرته قول بعض المتأخرين : إن صلاة العراة ونحوهم جماعة صحيحة ولا ثواب فيها لأنها غير مطلوبة ا هـ : أي لأن انتفاء طلبها منهم لعدم أهليتهم لها بسبب صفة قامت بهم بخلاف مسألتنا ولا قول الروضة وغيرها إن الأولى فيها الانفراد خروجا من الخلاف لما فيه من الاتفاق على صحتها فيه بخلافها في الجماعة وإن نال فضلها في الأظهر بل ما ذكرته أولى مما قالوه من أن من صلى على جنازة لا يستحب له إعادتها على الصحيح ، ومن مقابله أنه إن استحبت له الإعادة معهم لحيازة فضلها وإلا فلا ، وعلى الصحيح لو أعادها صحت نفلا على الصحيح ، وقيل فرضا كالطائفة الثانية ا هـ . صلى منفردا ثم وجد جماعة
والصلاة في هذه المسألة مطلوب تركها فضلا عن طلب ترك جماعتها .
والصلاة في مسألتنا واجب فعلها وإن انتفى طلب الجماعة فيه ، وعلم مما تقرر من خبر المار حصول فضيلة الجماعة خلف معيد الفريضة صبحا كانت أو غيرها ، ويدل عليه أيضا خبر معاذ في صحيحه من حديث ابن حبان رضي الله عنه { جابر } وخبر أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم أبي داود والترمذي من حديث والنسائي يزيد بن الأسود وصححه الترمذي وابن حبان { والحاكم مسجد الخيف ، فلما انفتل من صلاته رأى في آخر القوم رجلين لم يصليا معه فقال : ما منعكما أن تصليا معنا ؟ فقالا : يا رسول الله صلينا في رحالنا ، فقال : إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلياها معهم فإنها لكما نافلة } وهو كما مر يدل بالعموم وعدم الاستفصال على أنه لا فرق بين المصلي منفردا والمصلي جماعة إماما أو مأموما . أنه صلى الله عليه وسلم صلى الصبح في
وقد علل الشيخان وغيرهما الوجه المرجوح القائل بأن صلاة بطن نخل أفضل من صلاة ذات الرقاع بحصول فضيلة الجماعة على التمام لكل طائفة ، ومرادهم أن إيقاع الصلاة بكمالها خلف الإمام أكمل من إيقاع البعض وإن حصلت فضيلة الجماعة في جميع الصلاة .
وأما قولهم يسن للمفترض أن لا يقتدي بالمتنفل للخروج من خلاف فمحله في النفل المتمحض ، أما الصلاة المعادة فلا لأنه قد اختلف في فرضيتها إذ قيل : إن الفرض إحداهما يحتسب الله ما شاء منهما ، وربما قيل يحتسب أكملهما ، لأن الثانية لو تعينت للنفلة لم يسن فعلها في جماعة كسنة الظهر وغيرها . أبي حنيفة
وقيل إن من صلى منفردا فالفرض الثانية لكمالها ، وإن صلى في الجماعة فالأولى .
وقيل إن كلا منهما فرض لأن الثانية مأمور بها والأولى مسقطة للحرج لا مانعة من وقوع الثانية فرضا بدليل سائر فروض الكفايات كالطائفة الثانية المصلية على الجنازة وغيرها ( فإذا قام ) الإمام ( للثالثة إن شاء ) المأموم ( فارقه ) بالنية ( وسلم ) لانقضاء صلاته ، ولا كراهة لأنه فراق بعذر كما سيأتي آخر الباب ( وإن شاء انتظره ليسلم معه ) ليحوز أداء السلام مع الجماعة ( قلت : انتظاره أفضل ، والله أعلم ) لما مر [ ص: 216 ] إن لم يخش خروج الوقت قبل تحلله ، وعلم منه حصول فضيلة الجماعة كما تقرر وإذا انتظره أطال الدعاء بعد تشهده فيما يظهر ، وخرج بفرضه الكلام في الصبح والمغرب خلف الظهر مثلا ، فلا يجوز له أن ينتظره إذا قام للرابعة على الأصح في التحقيق وغيره ، لأنه يحدث جلوس تشهد لم يفعله الإمام ، بخلافه في تلك فإنه وافقه فيه ثم استدامه ، وعلم مما ذكرناه أنه لو جلس إمامه للاستراحة فقط لزمه مفارقته ، وأنه لا أثر أيضا لجلوسه للتشهد من غير تشهد في الصبح بالظهر ، إذ جلوسه من غير تشهد كلا جلوس لأنه تابع له فلا يعتد به بدونه ، وهذا هو مراد ابن المقري بقوله أحدث جلوسا ، كما أن مراد الشيخين بقولهما أحدث تشهدا جلوسه .
ويؤخذ من ذلك بالأولى أنه لو ترك إمامه الجلوس والتشهد لزمه مفارقته لأن المخالفة حينئذ أفحش ، ويجري ما ذكر فيمن فيجب على المأموم مفارقته عند قيامه للثالثة كما أفتى به صلى الصبح خلف مصلي الظهر وترك إمامه التشهد الأول الوالد رحمه الله تعالى أخذا من تعليلهم جواز انتظار المأموم إمامه فيها بأنه وافقه في جلوس تشهده ثم استدامه ، وتعليلهم لزوم مفارقة مصلي الرباعية بأنه يحدث جلوس تشهد لم يفعله إمامه ، ويصح اقتداء من في التشهد بالقائم ولا يجوز له متابعته بل ينتظره إلى أن يسلم وهو أفضل ، وله مفارقته وهو فراق بعذر ، ولا نظر هنا إلى أنه أحدث جلوسا [ ص: 217 ] لم يفعله الإمام لأن المحذور إحداثه بعد نية الاقتداء لا دوامه كما هنا .