( ولو ) كما يدل على ذلك قوله بعد : ولو علم بقاءها إلى آخره ، ومن ذلك انتظار الريح لمسافر بالبحر وخروج الرفقة لمن يريد السفر معهم إن خرجوا وإلا فوحده ( قصر ) يعني ترخص إذ له سائر رخص السفر ، وما استثناه بعضهم من سقوط الفرض بالتيمم وصلاة النافلة لغير القبلة يرد بأنه غير محتاج إليه ، إذ المدار في الأولى على غلبة الماء وفقده ، والأمر في الثانية منوط بالسير وهو مفقود هنا ( ثمانية عشر يوما ) كاملة لا يحسب منها يوما دخوله وخروجه لخبر حسنه ( أقام ببلد ) مثلا ( بنية أن يرحل إذا حصلت حاجة يتوقعها كل وقت ) أو بعد زمن لا يبلغ أربعة أيام صحاح الترمذي { مكة لحرب هوازن يقصر الصلاة } ولا نظر أنه صلى الله عليه وسلم أقامها بعد فتح لابن جدعان أحد رواته وإن ضعفه الجمهور لاعتضاده بشواهد جبرته وصحت رواية عشرين وتسعة عشر [ ص: 256 ] وسبعة عشر ، ويجمع بينها بحمل عشرين على عده يومي دخوله وخروجه وتسعة عشر على عده أحدهما وسبعة عشر وخمسة عشر الواردة في رواية أخرى وإن كانت ضعيفة على أن الراوي حسب بعض المدة بحسب ما وصل لعلمه ، وذكر الأقل لا ينفي الأكثر لا سيما وغيره زاد عليه ، وزيادة الثقة مقبولة إذ لا معارضة فيها ( وقيل ) يقصر ( أربعة ) غير كاملة لما مر أن نية إقامتها تمنع الترخص فإقامتها أولى إذ الفعل أبلغ من النية ( وفي قول ) يقصر ( أبدا ) إذ الظاهر أنه لو دامت الحاجة لدام القصر ( وقيل الخلاف ) فيما فوق الأربعة ( في خائف القتال إلا التاجر ونحوه ) كالمتفقهة فلا يقصران فيما فوقها ; لأن الوارد إنما كان في القتال والمقاتل أحوج للترخص ، وأجاب الأول بأن المرخص إنما هو وصف السفر والمقاتل وغيره فيه سواء ، وعلى الأول لو فارق مكانه ثم ردته الريح إليه فأقام فيه استأنف المدة ; لأن إقامته فيه إقامة جديدة فلا تضم إلى الأولى بل تعتبر مدتها وحدها ، ذكره في المجموع . وفيه أيضا : لو خرجوا وأقاموا بمكان ينتظرون رفقتهم فإن نووا أنهم إن أتوا سافروا أجمعين وإلا رجعوا لم يقصروا لعدم جزمهم بالسفر وإن نووا أنهم إن لم يأتوا سافروا قصروا لجزمهم بالسفر وقد مرت الإشارة إلى بعض ذلك .
( ولو علم بقاءها ) أي حاجته ( مدة طويلة ) وهي الأربعة فما فوقها ، ومثل ذلك فيما يظهر ما لو أكره وعلم بقاء إكراهه تلك المدة ، ومن بحث جواز الترخص له مطلقا فقد أبعد أو سها ( فلا قصر له ) أي لا ترخص ( على المذهب ) ; لأنه بعيد عن هيئة المسافرين ، وضمير علم راجع لخائف القتال لا له ولغيره ، كما ذكر في الروضة أن رجوعه لغيره غلط ، بل [ ص: 257 ] المعروف الجزم بالمنع في غيره .