( وإلا ) أي وإن ( فيعصي وتكون قضاء ) أما عصيانه فلأن التأخير عن أول الوقت إنما يجوز بشرط العزم على الفعل ، فيكون انتفاء العزم كانتفاء الفعل ووجوده كوجوده . وأما كونها قضاء فكذلك أيضا ، [ ص: 280 ] وحمل بعضهم كونها قضاء على ما إذا وجدت النية وقد بقي من وقته ما لا يسع ركعة ، وعدم عصيانه على وجودها وفي الوقت ما يسع الصلاة : قال : وبه يجمع بين ما وقع أخر من غير نية الجمع أو بنيته في زمن لا يسع جميعها للمصنف من التناقض في ذلك ا هـ وفيه نظر ظاهر . وما ذكره الغزالي في إحيائه من أنه لو نسي النية حتى خرج الوقت لم يعص ، وكان جامعا ; لأنه معذور صحيح في عدم عصيانه غير مسلم في عدم بطلان الجمع لفقد النية ( ولو جمع ) أي أراد الجمع ( تقديما ) بأن صلى الأولى في وقتها ناويا الجمع ( فصار بين الصلاتين ) أو قبل فراغ الأولى كما في المحرر ، وعدل عنه لإيهامه وفهمه مما ذكره ( مقيما ) بنحو نية إقامة أو شك فيها ( بطل الجمع ) لزوال سببه فيتعين عليه أن يؤخر الثانية إلى وقتها أما الأولى فلا تتأثر بذلك .
( و ) إذا صار مقيما ( في الثانية ) ومثلها إذا صار مقيما ( بعدها لا يبطل ) الجمع ( في الأصح ) للاكتفاء باقتران العذر بأول الثانية صيانة لها عن بطلانها بعد انعقادها ، وإنما منعت الإقامة في أثنائها جواز القصر لمنافاتها له ، بخلاف جنس الجمع لجوازه بالمطر ، وإذا تقرر هذا في أثنائها فبعد الفراغ منها بطريق الأولى ، ولهذا كان الخلاف فيه أضعف ، ومقابل الأصح : البطلان قياسا على القصر ، وفرق الأول بما مر ( أو ) جمع ( تأخيرا فأقام بعد فراغهما لم يؤثر ) ذلك بالاتفاق كجمع التقديم وأولى ( و ) إقامته ( قبله ) أي فراغهما ولو في أثناء الثانية كما اقتضاه إطلاقهم خلافا لما بحثه في المجموع ( يجعل الأولى قضاء ) لتبعيتها للثانية في الأداء والعذر ، فاعتبر وجود سبب الجمع في جميع المتبوعة ، وقضية ذلك أنه لو قدم المتبوعة وأقام أثناء التابعة أنها تكون أداء لوجود العذر في جميع المتبوعة ، وهو قياس ما مر في جمع التقديم ، ذكره السبكي ، واعتمده الإسنوي وغيره وخالفه آخرون ، منهم الطاوسي ، وأجرى الكلام على إطلاقه ، فقال : وإنما اكتفي في جمع التقديم بدوام السفر إلى عقد الثانية ، ولم يكتف به في جمع التأخير بل شرط دوامه إلى تمامهما ; لأن وقت الظهر ليس وقت العصر إلا في السفر ، وقد وجد عند عقد الثانية فيحصل الجمع .
وأما وقت العصر فيجوز فيه الظهر بعذر السفر وغيره فلا ينصرف فيه الظهر إلى السفر إلا إذا وجد السفر فيهما ، وإلا جاز أن تنصرف إليه لوقوع بعضها فيه ، وأن تنصرف إلى غيره لوقوع بعضها في غيره الذي هو الأصل ، وهذا هو المعتمد .